رواية: عهد ×
رواية رواية: عهد × بقلم حنين رشدى
الفصل التاسع
ذاكرة نمار
> "اللعنة مش بتبدأ لما نمار يظهر…
بتبدأ لما قلبك يعترف إنك زيه."
---
الظلمة كانت سميكة، تقيلة، كأنها مش ظلام…
كأنها سائل بيغرق فيهم.
سيف حاول يفتح عينه، لكن حس كأنه بيبص من تحت مية زيت.
قال وهو بيكح:
ـ "إحنا فين؟!
هو ده الهلاك ولا إحنا دخلنا قاعة اجتماعات في وزارة الأشباح؟!"
إبرار ما ردّتش.
كانت واقفة قدام وش نمار…
بس الوش كان بيتكون من ذكريات.
كل تفصيلة في ملامحه كانت "مشهد":
عينيه = طفلة بتتحرق.
وشه = أم بتصرخ وبتحضن قبر.
شفايفه = كلمة "عهد" مكتوبة بنار.
قالت بصوتها الواطي:
ـ "أنا عرفت كل حاجة دلوقتي…
نمار مش شيطان، نمار… ضحية خُلق منها ألف شيطان."
وفجأة، الوش اتكلم.
لكن مش بفم… بصدى داخل جمجمتهم:
ـ "كل لعنة ليها أصل.
وأصلي كان طفل اسمه ’ماران‘…
اللي اتقتل في طقس، واتقسم على أبواب."
---
سيف قرب، وقال وهو مش قادر يخفي خوفه:
ـ "طب وإحنا مالنا؟!
يعني خلاص؟ عايزنا نربي اللعنة ونبعته حضانة؟!"
إبرار بصت له وقالت:
ـ "إحنا آخر باب يا سيف.
كل ضحية كانت حجر في البرج اللي بيحمي ’جسد ماران‘…
بس أنا بقيت آخر طوبة."
الوش قال:
ـ "بس إنتِ غيرهم.
إنتِ ما تم اختياركش… إنتِ وُلِدتي بالعهد."
ـ "يعني أنا… ابنة اللعنة؟"
ـ "لا…
إنتِ ’عَهدها‘."
---
الأرض تحتهم بدأت تتحرك…
بس مش زي زلزال.
كأن الأرض بتتنفس.
كل نفس بيطلع من الأرض كان صوت.
صوت نمار وهو بيقول جُمل محطمة:
> "أنا آسف يا أمي…"
"أنا ماكنتش عايز أكون القربان…"
"أنا صرخت… بس محدش سمعني."
وكل ما الصوت يعلو، يظهر مشهد جديد على الحيطان السودة حواليهم.
مشاهد لأطفال، لبنات، لناس اختفوا على مر السنين…
كانوا كلهم بيصرخوا… لكن ماحدش سمع.
سيف قال بصوت مخنوق:
ـ "هو ده… أصل اللعنة؟
هو كان طفل… وتحوّل لشيء مش قادر ينسى؟"
إبرار دموعها نزلت…
أول مرة من بداية كل دا.
قالت:
ـ "أنا مش هكرّه نمار…
أنا هسمعه."
---
وبدأت تمد إيدها…
وتحطها على الوش اللي بيتكوّن قدامها.
وفجأة…
الدنيا سكتت.
كل الظلمة اختفت.
بقوا واقفين في بيت بسيط جدًا…
عربي قديم، حجارة، ساحة صغيرة…
وفيها طفل قاعد على الأرض، لابس جلابية بيضا، وبيرسم على الرمل.
بصلهم الطفل وقال:
ـ "أنا ماران.
إنتِ… نسخة من عهد اللي كانوا بيحكوا عنها."
إبرار قربت وسألت:
ـ "إيه اللي حصل ليك؟"
قال وهو بيكمّل رسمه:
ـ "هم قالولي إني مُختار…
بس كانوا بيقصدوا إني الضحية."
س
يتبع...