أخر الاخبار

رواية عالم موازي بقلم نورا محمد على الفصل السابع

الفصل السادس 

 عالم موازي 

رواية عالم موازي بقلم نورا محمد على الفصل السابع

رواية عالم  موازي بقلم نورا محمد على 

 الفصل السابع 


 في اليوم التالي كان ميعاد الطبيب ورغم تردد( معتز) من قبول تلك اللفتة من والده، إلا أنه يعلم جيدا أن مروان اهم، هو على أتم استعداد لأن يبلع كبريائه وخلفه بحر من الماء حتى يستعيد طفله.


 كان يدخل إلى العياده  التي تعد راقية،و بعض الأشياء لفتت نظره في المكان، النظام والديكور والمكان نفسه يوحي براحه و ذلك الطبيب بشوش، نظر لهم ابتسامه وهو يتكلم مع الأب والأم بضع كلمات، طالبهم فيها بإكمال الملف الخاص بتعريف الطفل، كان شيء مختلف عن ما حدث من قبل، كل ما هو مفضل بالنسبة إلى طفله، وكل ما هو مرفوض، كل شيء يخص الطفل منذ ولد حتى الآن. 


كان يبحث في ذلك التقرير قبل أن يبدأ الجلسة مع مروان عن المحفزات الخارجية التي قد تجعله يستجيب.

 ابتسم الطبيب للفتى وهو يراه يجلس أمامه، أخرج من أحد الأدراج علبة كبيرة من الشوكولاته المميزة، التي بها أنواع كثيرة ومختلفة، وهي توافق ذلك النوع التي أكدت الأم، ان ابنها يحبه ويفضله، أخرج واحدة وقام بكسرها إلى مكعبات  لا تزيد عن عقله اصبع أو أقل رفع واحدة إلى فمه، وهو ينظر للصغير الذي أدرك أن عينيه تغيرت؛ لقد كانت كالزجاج منذ لحظه، ها هو ينظر له وكأنه يشتهي ذلك المكعب أمسك أحد المكعبات الموجودة أمامي، والتي تشكل عدد كبير وهو يقرب واحدة من (مروان) الذي فتح فمه ينتظر أن يضعها فيه، ولكن الطبيب لم يعطيها له في فمه الصدمة كانت على وجه (سما) مما تراه والفرحه تسكن قلبها وقلب زوجها كادت أن تقترب لتأخذ قطعة الشوكولاته لتضعها في فمي طفلها إلا أن الطبيب نظر لها بأن تتوقف، ظلت يده معلقة حتى رفع الصغير كفه ليأخذها منه! قبل أن يحاول معتز أن يقترب أشار له الطبيب أن يظل مكانه.

 ترك الفتى يجلس حيث هو وأمامه مكعبات الشوكولاته التي ينظر لها بشغف واقترب من العائلة وهو يقول:


_ انا سمحت بانكم تحضروا الجلسة وده ما بيحصلش بس عشان خاطر والد حضرتك والتوصيات الكتيره اللي طلبها واهتمامه بحفيده بشكل خاص، بس اغنا مش هسمح ليكم تحضروا معانا الجلسة. 


_شايف مد ايده اتحرك احنا فضلنا مع دكاتره كتير جدا لفترات طويلة، ومفيش واحد فيهم عمل أي استجابه.

 

ماقدرش ألوم أي_ دكتور منهم، كل الدكاتره حاولت بس المشكله مش في الدكتور المشكله بتبقى عند الطفل هو إللي بيحدد امتى يتكلم  وامتى يستجيب.


 _قصدك ان ابننا قرر يستجيب؟!


 _قصدي هقوله بعد الجلسة. 


أشار لهم ليخرجوا، جذبها معتز من يدها وهو يكاد ان يحتضنها، يريد أن يقفز في الهواء، يصرخ بصوت مرتفع؛ فابنه استجاب بعد سنة كاملة من المعاناة.


 كان (محمود) يعود إلى مكانه ليجلس أمام الطفل وهو يرفع أحد مكعبات الشوكولاته إلى فمه، ثم ينظر إلى الصغير وهو يقول:


 _اسمك ايه؟


 نظر (مروان) معلقه بقطعه الشوكولاته.


 أعاد سؤاله مره اخرى وهو يقرب القطعه إلى المنتصف بعيده عن الفتى قدر الإمكان وهو يقول:


 _عايز الشوكولاته تجاوبني اسمك ايه؟


 -مارو!

 _اسمك جميل؟


 لن يتلقى و لم يتلق أجابه، لم يحظى على ابتسامه من شفتيه، ولكن أن ينطق إسمه ويحرك يده كان انجاز في أول جلسه قرب منه قطعه الشوكولاته استمرت الجلسه وهو يحاول أن يحظى على بعض الإجابات البسيطه منه تكلموا في أشياء كثيره، ربما لم يعي الفتى بعضها أو تكاسل عن الرد.

 ولكن كلما أراد منه استجابه كان يقرب منه مكعب من الشوكولاته، حتى كادت ان تنتهي ولكن كان يحركها إلى   مكان قريب أو بعيد عن الفتى، حتى يحظى على حركه ولا يكتفي بردة فعل بسيطه من شفتيه المرتعده، ولكنه أدرك أن خروج الفتى من قوقعته لن يكون هينا، بعد وقت كان ينزل من على مقعده يتحرك إلى تلك القطعه الكبيرة التي في يد الطبيب!


 في اللحظة التي كانت السكرتيره تفتح الباب للعائلة ليرون ابنهم يقف على قدميه!

 خر مروان ساجدا وتساقطت الدموع في عيني سما وهي تقول:

_ أنت عملت اللى ما حدش عمله يا دكتور.


_ بيتهيئلك دا كان مع دكتور ما كانش في استجابه صدقيني يا مدام العيب مش في زميلي، هو بيخزن وامتى بيقرر يستجيب، ده يرجع ليه هو وعقله.

 _هو في شويه حاجات هطلبها من حضرتك وميعاد الجلسه الثانيه أكيد هتديه لك بره، وان شاء الله في تحسن هيرجع زي ما كان.


 نظر لها مطولا وهو لا يعرف ماذا يقول ولكن هل هناك شيء يعود إلى حاله! لا اظن ولا تظن هي نفسها ولكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من التساؤل لكن الرد وقتها من زوجها الذي يقول:


_ أول الغيث قطره

 هزت رأسها بفرح وهي تقترب من أبنها تضمه بين ذراعيها ولكن الفتى لم يستجب .


نظرت إلى الطبيب وهو يردد جملة زوجها بموافقة


 كانت تحمل الطفل تضمه إلى قلبها، إلا أن ذلك الكشف الذي قدمه الطبيب لهم ممنوع ان تعطي له ذلك النوع من الشوكولاته داخل البيت! التساؤل على وجهها جعله يقول:

_ لقد استجاب بسببه لهذا هخليه محفز خارجي.


_  طب ما انا ممكن أقطعها


_ انا بتعامل معاه بطريقه علميه انتِ هتتعاملي معاه زي أي أم عايزه تلاقي رد فعل من ابنها.


_ تمام حضرتك طب انا ممكن اجيب لحضرتك شيكولاته كثير من النوع ده.


 ابتسم لها وهو يقول:


_ ده محفز خارجي لوقت معين، انا عايزه يتكلم من نفسه فأكيد أنا مش هدي له القطع كلها وما يتكلمش؛ لازم اللوح يتقسم على قطع صغيره يبقى فيها إغراء، ان هو عايز تاني و أنه ما يكتفيش من حاجه، ويبقى عايزه فيطلبها فيضطر أنه يرد عشان يبقى في ثواب  وفي عقاب، انت عايز ابنك يرجع زي ما كان، وأنا بقول لك اديني فرصه إن أنا اساعده، أنه يرجع لجزء.


_من مكان تقصد النوم 


_اقصد ان احنا مش هنحكم على حاجه من أول جلسه، ان الجلسه الثانية هيبقى في تحسن ممكن يرفض يتكلم..

 

مر الوقت وأدركت سما أن أبنها يريد تكرار نفسه، الاشياء نفس الطعام الذي تناوله في اليوم السابق وحاول أن يرجع إلى قوقعته مرة اخرى.


 حينما أتى وقت ميعاد الجلسة القادمة كانوا يدخلون إلى العيادة محاملين بالأمل.

 دخلوا في ميعادهم ما ان دخل

مروان إلى مكتب الطبيب حتى نظر له وصرخ بصوت مرتفع اخذ يزوم بطريقه غريبه! وكأنه يبحث عن شيء مجهول وكأن هناك شيء خاطئ فيما يراه!!


 صرخ وثار وأصبح  كأن اصابته نوبه من نوبات الصرع نظرت سما إلى زوجها بخوف، وهي تنظر إلى الطبيب وكأنها تبحث عن نجده! هل رأى الطبيب مما يعانيه الفتى فذلك الفتى اصبح موهوب بطريقه مبالغ فيها؛ لقد تحولت عينه إلى كاميرا فهو يبحث في عقله عن شيء ناقص في المكتب أو شيء زائد حتى يصبح الفتى بهذه الحاله من الهياج والعصبيه.


 رجع كاميرات التصوير ليجلس على المكتب أشار إلى السكرتيره وهو يقول:


_ انسه ليلى هات المج بتاعي.


_ اعمل لحضرتك حاجه تشربها ؟!


_لا حطي فيه ميه وهاتيه .


 نظره معتز لسما بصدمه ولسان حاله يقول هل هذا وقته؟! هل تريد ان تشرب ماء قبل ان تهدئ طفلنا!


 ولكن ما إن وضع المج في مكانه الذي كان عليه بالأمس حتى صمت الفتى، وكأنه لم يكن يصرخ وينهار من لحظه.


  الصدمه على وجه الوالدين كانت واضحه، ولكن ابتسامة كانت تشق وجهه الطبيب؛ فلقد ادرك ما السبب ولكنه في لحظه قام باخفاء المج مرة أخرى، ثار صراخه بصوت مرتفع، وأخذ يقوم بحركات رتيبه، وكأنه لم يعد يستطيع الجلوس باستقرار يحرك رأسه للأمام وللخلف، وما ان أعاد   الماج مرة اخرى حتى هدأ.


 نظر إلى والديه وخرج من الغرفه، كان يريد أن يعرف ماذا عمل  اليومين السابقين.


حكت له الأم كيف أنه رفض الطعام ولكن ان اعطته لنفس الطعام السابق حتى أكل، هز راسه بالموافقه وهو يقول:


_ ده بيأكد ٱللي انا بفكر فيه، مش فاهمين عينيه كاميرا بيحفظ المكان زي ما هو، كل حاجه عايزها بالتكرار؛ نفس الأكل، نفس اللبس، نفس ملاية السرير.


_ حضرتك بتقول ايه؟ 


_ بقول لك أن ابنك طلع من القوقعه إللي كان بيحط نفسه بيها، بس طلع بمواصفات مختلفه.

 عارفه يعني ايه ابنك هيكسر المكتب من شويه عشان المج ناقص؟ اضطرابات في التوحد في فترات كثيرة بتظهر، بس ليها مسيره برده الاختلاط التكرار اصعب.

 انت مطلوب منك نفس الطقم كل يوم.


_ بمعنى سألت بدهشة


 _حضرتك هتشتري من نفس الهدوم اللي لابسها النهارده اكثر من طقم بنفس اللون، نفس ملمس، هتشتري من نفس الملايه اللي نام عليها أكثر من واحده بنفس اللون.


 حضرتك مش هتفاجئيه، مش هتطلبي منه حاجه مره واحده، مش هشوف حد من غير ما تأكدي بكده .

معتز: وده طبيعي؟!


 _طبيعه الحاله اللي هو بيعاني منها؛ هو داخل سينما بيخزن معلومات مسلسله.


 الجلسة اللي فاتت _استجاب، والجلسه دي عبر عن رفض اي تغير جوا المكان اللي هو فيه.


_قصدك تقول انه مش 

هيرجع لقوقعته تاني؟.


 _قصدي اقول إن اللي جاي سهل.


قال كلامه ودخل إلى الجلسة التي لم تكن عادية، مرت الجلسات واصبح التعامل مع مروان ليس هينا فلقد فعل كل ما توقعه الطبيب؛ اصبح على سما أن تحضر اكثر عدد من الملابس بنفس اللون ونفس الخامه، عدة مفارش للفراش بنفس اللون والخامه اشياء الرتيبة تتكرر نفس الطعام وكل يوم، ولكن كان كل ذلك هين على قلبها ولكن أهم شيء ان هو يتحرك أو تسمع صوته، أصبحت تغير في الغرفه كما يريد.


الفصل الثامن 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-