جحيم الغيرة
بقلم امانى سيد 
الفصول ٢٧ و ٢٨ و الاخير 
 البارت السابع والعشرين 
مر اسبوع اخر على وجود فردوس فى المستشفى وكانت وفاء تجلس معها يومياً وسمحوا لها بالزياره
كان عمها يأتى بإستمرار ووالدتها ومعها ابنائها
بدأت تتحسن حاله فردوس النفسية كثيراً
أصبحت ترى الحياه بشكل مختلف
اصبحت تبحث عن شئ تحبه لم تعد تنظر لحياه ابتهال كما كانت تفعل فى السابق
ارادت فردوس أن تبنى حياه مستقله ...
شعرت أنها تحتاج للعمل وأن تبحث عن زاتها ...
أرادت أن تصبح أم يفتخر بها ابنائها
أصبحت أكثر حرصاً من زى قبل أن تكون عادله فى معامله اولادها
لم يخبرها جبران بمكالمه ياسين حتى لا تتدهور صحتها ولكن وفاء اخبرته أن يبلغها حتى تعلم أن ابتهال او غيرها من الممكن جذبه بسهوله وأن طلاقها منه كان لمصلحتها
وبالفعل اخبرها جبران
ـ ازيك يا فردوس عامله ايه
ـ الحمد لله يا عمى انت عامل ايه
ـ أنا بخير ... على فكره ياسين كلمنى وكان عايز الفلوس اللى ابتهال ادتهالك عشان يتجوز بيها ، اصل فى واحده تانيه عايز يتجوزها ... بس ماتقلقيش أنا مش بس رفضت لا أنا كمان بضغط عليه عشان أخد منه نفقة ولادك
ـ عارف يا عمى انا لما رجعت نفسى أنا حقيقى بستغرب انا ليه كنت مكمله معاه
انسان انانى مابيحبش ولاده وابنه التانى حتى محضرش ولادته وماما هى اللى اتحملت مصاريف المستشفى
كنت خايفه أن ابتهال تشمت فيا اكتر ما كنت خايفه من إن ولادى تتأثر حالتهم النفسية بسبب أب زى ده
ـ الحمد لله إنك فوقتى ومكانك فى الشغل عند عمران لسه موجود
ـ أنا مش عايزه اشتغل عند عمران
ـ لسه زعلانه منه
ـ لأ خالص انا عايزاه هو اللى مايزعلش منى بس انا كنت حابه اعتمد على نفسى
ـ خليكى معاه اتعلمى وبعدين اشتغلى فى أى مكان تانى حاولى تثبتى نفسك الاول وتدربى كويس وتاخدى خبره وبعدها محدش هيقولك بتعملى ايه
.... فردوس انا معاكى إنك تبدأى من أول وجديد وتعتمدى على نفسك بس يوم ما تبدأى ابدأى صح
ـ بس عمران
ـ عمران كان عايز يجيى يزورك بس إحنا اللى رفضنا عشان قولنا يمكن تكونى لسه زعلانه منه
، بصى يا فردوس فكره إنك تبدأى دى حاجة حلوه حتى لو جت متأخر احسن من أنها ماتجيش خالص
بس ابدأى... حتى لو ساعدناكى فى البداية وشاورنالك على الطريق اللى هيقول إنك اتغيرتى ولا لأ هو إنك تكملى
وخاصه إن عمران ولا انا ولا أى حد هيبقى معاكى فى الشغل
مش عيب أننا نساعدك لكن الغلط انك تبقى عايشه منتظره طول الوقت اللى يساعدك
ابتسمت فردوس بإقتناع من حديث عمها
خرج جبران،
وقعدت فردوس تبص في السقف لحظات…
وبعدين مدت إيدها للموبايل، وقلّبت في الأسماء لحد ما وقفت عند اسمه: عِمران.
فضلت تفكر:
"أنا آخر واحدة المفروض أكلمه… مش عارفه هل فعلاً لسه زعلان ولا هما بيقولوا مش زعلان عشان ميضيقونيش
انتهى التفكير وقررت الاتصال بعمران ومواجهته …
في الطرف التاني، عِمران شاف الاسم، وتردد…
لكنه جاوب أخيرًا.
ـ السلام عليكم؟
سكتت لحظة، وبعدين قالت بصوت هادي:
ـ وعليكم السلام
ـ ازيك يا فردوس؟
ـ الحمد لله بخير. ... أنا مش هطوّل عليك، بس كنت محتاجة أقول كلمتين…
أنا غلطت، في حقك وفي حق ابتهال…
واتكلمت بطريقة ما كانش ينفع أتكلم بيها،
كنت شايفة الدنيا من زاوية ضيقة…
وزعلت، وضيعت، ودفعت التمن.
ـ إنتي قولتي كلام صعب…
وكان واضح إنك مش شايفة غير نفسك.
ـ عارفة…
وعارفة كمان إني جرحت أختي، واللي كنت بحسبه نُصرة ليا طلع ضعف مني.
أنا مش باتصل أرجّع حاجة، ولا أطلب حاجة،
بس كنت محتاجة أواجه نفسي… وأبدأ من أول وجديد.
ـ البداية مش بالكلام، يا فردوس…
البداية بتبان في التصرفات.
ـ عشان كده بسألك…
لو لسه في مكان في الشغل… أنا عايزة أشتغل.
مش علشانك، ولا علشان أختي،
بس علشان نفسي… وعلشان ولادي.
ـ مكانك لسه موجود وأنا اخوكى لو احتاجتى أى حاجة أنا موجود
ـ شكرا يا عمران
دخلت وفاء الأوضة بعد ما خلصت فردوس المكالمة،
كانت بتشوفها من بعيد وهي بتتكلم، وشافت ملامحها اللي مرت بلحظة توتر… وبعدين هدوء.
قربت منها بهدوء، وقعدت على الكرسي جنبها.
وفاء (بنبرة هادية):
ـ كلمتيه؟:
ـ أيوه…
مكنتش متخيلة إني هكلمه يوم، بس حسيته لازم يحصل.
مش عشانه، ولا عشان أي حد… بس عشان أكون صادقة مع نفسي .
ـ وده أهم شيء.
إنتي محتاجة تتصالحي مع نفسك قبل أي حد.
ـ قالى إن مكانى في الشغل لسه موجود…
وقال إنه أخويا، ولو احتجت حاجة هيكون موجود.
أنا اتفاجئت…
ماكنتش مستنية الجملة دي بعد اللي حصل.
ـ هو شخص نقي أكتر ما إنتي كنتي شايفاه.
وإنتي كمان… لما نقّيتي نيتك، عرفتي توصليله من غير ما تتكسري.
ـ خايفة، يا وفاء…
مش من الشغل، ولا من الناس…
خايفة من نفسي…
إني أرجع تاني لنقطة الصفر، إني أغلط، إني أضعف.
ـ الخوف ده طبيعي، وضروري كمان.
بس خدي بالك…
الفرق بين اللي بيتغير فعلاً، واللي بيمثل،
هو إن الأول بيخاف وبيكمل…
والتاني بيخاف وبيقف.
ـ أنا مش عايزة أقف تاني…
ولا عايزة أكون نسخة مشوهة من نفسي.
أنا عايزة أكون أم، وست، وبني آدمة… حقيقية.
ـ وإنتي كده فعلًا يا فردوس…
والخطوة الجاية؟
هي إنك تثبتي لنفسك قبل أي حد… إنك تستحقي الفرصة.
فى منزل ابتسام اتصلت بعمران وطلبت تقابله وبالفعل عمران راحلها وقعد معاها
ـ ازيك يا عمران عامل ايه وشغلك اخباره ايه
ـ بخير الحمدلله
ـ كنت سمعت من فردوس ان انت خطبت ابتهال وعايزين تتجوزوا
ـ ده حقيقي
ـ طيب مش الأصول إنك تطلبها منى الأول... بص يا عمران انا عارفه إنك عارف وشايف الوضع ايه بس ده مايمنعش انك تمشى بالأصول
ـ أنا فاهم قصدك وعارف انتى تقصدى ايه بس انا مخرجتش بره الأصول بدليل أنى مستنى فردوس تخرج من المستشفى عشان اخد الخطوه دى وحضرتك حالياً طول الوقت مشغوله مع فردوس وولادها انتى وبابا
وانا مش بلومك لانى عارف حالة فردوس ومقدر وجودكم معاها ....
بس اسمحيلى انا مش هعطل حياتى انا وابتهال تانى كفايه اللى عدى وعمرنا اللى جرى مننا
ـ عشان كده انا بعتالك ... لو انت جاد فعلاً بكره تيجى انت وابوك وامك وتقابلونى فى شقه ابتهال وتطلبوها رسمى
ـ ابتسم عمران فأخيرا زواجه من ابتهال بيقترب وسيتحقق حلمه
ـ انا موافق يبقى بكره فى شقه ابتهال الساعه ٨ مناسب
- مناسب
خرج عمران من منزل ابتسام واتصل على ابتهال واخبرها بما تم بينه وبين ووالدتها ووافقت ابتهال فهى تريد أن يكون كل شئ يتم بشكل رسمى
فى اليوم التالى حضرت ابتسام عشاء لاهل عمران وقامت بلفه بشكل فخم واخذته معها منزل ابتهال واخذت معها ابناء فردوس
فى ذلك الوقت كانت ابتهال تحضر نفسها للمساء وتفاجئت بوجود والدتها وتلك التجهيزات
لم تتحدث كثيراً معها فهى كانت منشغله فى تجهيز ملابسها والمنزل
دخل ابناء فردوس غرفه ابتهال وتفاجئت بهم ابتهال لا تعلم ماذا تفعل معهم
فجلست تتحدث معهم
ـ ازيكم عاملين ايه
ـ الحمد لله يا خالتوا انتى عامله ايه
عندما سمعت لقبها لأول مرة منهم شعرت تجاههم بمسئولية حتى لو لم تكن علاقتها جيده بوالدتهم
فهى مهما فعلت لم تنكر ذلك الواقع
ـ انتوا بتعملوا ايه
ـ قاعدين زهقانين مش لاقيين حاجه نعملها وتيتا مجبتش اللعب بتاعتنا معاها وحتى التليفون بتاعنا نسيته
ـ مشكله كبيره فعلاً وانا كمان معنديش لعب بس عندى حاجه حلوه اوى تسليكم
ـ ايه
اعطتهم ابتهال فرخ ورق كبير به رسومات صغيره واعطت لهم الوان
ـ بتحبوا تلونوا ؟؟ ايه رايكم تلونوا الورقه دى كلها وتورونى بتعرفوا تلونوا ولا لأ
فرح الاطفال بتلك اللعبه من نظرهم وأخذوها وبدؤا فى التلوين ابتسمت ابتهال عليهم وعادت لتجهيز نفسها
دخلت اليهم ابتسام وهى تبحث عنهم ووجدتهم جالسين على الارض يقومون بتلوين شيئا ما وابتهال واقفه تنظر اليهم وهى مبتسمه
شعرت للحظه إنه من الممكن أن تتغير الأحداث فى المستقبل وتتقبل ابتهال وجودها ووجود فردوس بحياتها
اتى جبران ومعه زوجته وعمران
وجلسوا فى غرفه الجلوس وبدأؤا الحديث بأشياء مختلفه إلى أن أتوا لموضوع الزواج ووقتها طلب عمران يد ابتهال من عمها وامها ووافقوا
وقاموا بقرائه الفاتحه واتفقوا أن الزواج بعد شهر حتى ينتهى عمران من تجهيز باقى المنزل ورحبت أمه بالزواج خاصه انهم سيجلسوا معها بنفس المكان
مر اليوم بدون أحداث جديده وفى اليوم التالى اخذ جبران اولاد فردوس وذهب لمنزل ياسين وقابله وكانت عروسته وأهلها بالمنزل
قابله ياسين ببرود
ـ خير يا عم جبران
ـ خير إن شاء الله اتفضل خد ولادك
ـ اعمل بيهم ايه
ـ ربيهم طالما انت مش بتدفع النفقه بتاعتهم ولا عايز تدى امهم باقى فلوسها يبقى اتفضل خدهم
ـ مكنش ده كلام فردوس وهى فين دلوقتي وبعتاك انت ليه
ـ مالكش دعوة بيها فردوس زهقت من مسئوليتهم ومش معاها تصرف عليهم هتاخدهم ولا ابعتهلمك على الشغل
ـ مش هاخدهم انت شايف الوضع عامل ازاى
تحدثت تلك العروس بعنجهيه
ـ بقولك يا ياسين إحنا متفقناش على كده وأنا مش هربى عيال حد لو العيال دول هيبقوا معاك فخلاص كل واحد من طريق
ـ لأ ماتقلقيش أنا هتصرف
اخدهم ياسين وذهب لغرفه اخرى وترك الاولاد بالخارج حتى لا يستمعوا لذلك الحديث
ـ ينفع الاحراج ده
ـ وينفع عيالك اللى انت راميهم دول .. انت لو واحد فقير هنقول معلش انما انت بتتجوز وقادر تفتح بيت يبقى ولادك أولى بيك
ـ انت عايز ايه دلوقتي وتاخدهم وتمشى
ـ أولا لما تتكلم اتكلم بأدب عشان معلمكش ازاى تتكلم بأدب
ثانياً انا مش عايز منك حاجه ولادك دول كل أول شهر تبعتلهم مصاريفهم لحد باب بيتهم عشان المره الجايه الطريقه مش هتعجبك خالص
ـ أنت بتهددنى
ـ أه بهددك ... ونفسى ماتعملش اللى بطلبه منك عشان وقتها يا ياسين هعرفك قيمتك كويس
ثم تركه واخذ الاولاد وذهب لجدتهم مره اخرى وقص لها ما حدث وإنه يفعل ذلك حتى لا يأتى ياسين فى المستقبل ويطلبهم من امهم او يضغك عليها بهم
مر اسبوع اخر وخرجت فردوس من المستشفى وقررت أن تقترب من اولادها وتعود للعمل في مركز عمران العلاجى وتحاول أن تقترب من اختها ابتهال
بدأت فردوس فى العمل مره اخرى في المركز ولكن تلك المره لم تفكر سوى فى عملها وأن تطور من ذاتها
وبدأت بالتقديم لابنها فى المدرسه والطفل الاخر وضعته فى الحضانه
فى المركز بدأت فردوس تكون صداقات مع بعض من زميلاتها
وبدأت تتحدث معهم فى أمور مختلفه عن حياتهم الشخصية وعن العمل فالتعامل مع الناس السهل الممتنع
شعرت فردوس انها تولد من أول وجديد وأنها لم تكن تعيش فى ذلك العالم فهى كانت تعيش في عالم موازى
لم تكن ترى ما بيدها فقط لم تكن ترى سوا ما بيد اختها
بدأت تستوعب أكثر كم التعب والمعاناه التى بذلتهم اختها حتى تصل لتلك المرحله من الاستقلال
مجرد تفكير فردوس بالنجاح وكم معها من الوقت حتى تنجح فى الاستقلال بنفسها وجدت أن الطريق امامها طويل على الرغم من وجود الجميع بجانبها
عكس ابتهال التى كانت تواجهه كل شيء بمفردها
تحول تفكير فردوس تجاه ابتهال من حقد وغيره الى انبهار وفخر بها
كيف استطاعت أن تحقق كل ذلك بمفردها
واصبحت ابتهال قدوه لفردوس
قررت فردوس الذهاب لابتهال المنزل واخذت الاولاد حجه لتذهب لها
فى منزل ابتهال كانت تتحدث مع عمران فى الهاتف وقرروا أن يذهبوا غدا لشراء فستان الزفاف وبعدها سمعت طرق على الباب ذهبت لتفتح الباب وجدت فردوس امامها
ياترى رد فعلها ايه ابتهال ؟؟؟
استنوا بكره حلقات مليئه بالرومانسية والاكشنات 🥰🥰🥰🥰
بصوا بقى ظه لينك قناتى على اليوتيوب وقريب أوى هتلاقوا مفاجأة عليها
الفصل ٢٨
فتحت ابتهال البار تفاجئت من وجود فردوس امامها
لم تاخذ الفرصه لتسأل فردوس عن سبب الزيارة فوجدت أبناء فردوس ذهبوا اليها مسرعين وقاموا بضمها
ـ خالتوا وحشتينا أوى
ابتسمت ابتهال وقامت بضمهم أيضا
ـ ازيكم عاملين ايه وحشتوني أوى
ـ وانتى كمان ... إحنا قولنا لماما انك وحشتينا فقالت البسوا وهاخدكم تشوفوا خالتكم
ـ تعالوا ادخلوا طيب
ها تحبوا تاكلوا ايه حلويات
ـ عايز لبن بالشكولاته ومولتو
ـ حاضر عيونى وانت يا صغنن
ـ زى اخويا
ـ حاضر حالا هطلب الحاجه وهتيجى
اتصلت ابتهال بالسوبر ماركت وطلب اشياء كثيرة للأولاد و عندما اتت الاشياء اعطتها لهم
فقاموا يهتفوا بفرحه طفوليه ظلت ابتهال تضحك على تصرفهم
رأت فردوس مشاعر الود المتبادلة بين ابتهال وأبنائها وشعرت بمدى حماقتها فى السابق
فلاول مره ترى اولادها يندمجون فى اللعب مع شخص اخر حتى معها
قعدت فردوس جنبهم، وبصت على ابتهال وهي بتضحك مع الأولاد،
ولأول مرة، قلبها كان هادي.
ماكانش فيه نار الغيرة اللي كانت بتحرقها دايمًا،
ولا الصوت اللي بيزن في ودنها:
"خدي بالك… هي تاخد مكانك؟"
الصوت ده… سكت.
المكان كان مليان دفء.
بصّت على ابنها وهو قاعد في حضن ابتهال،
وشافت حاجة كانت ضايعه منها
حب الاخت والاحتواء وإن الاخت هى أم تانيه .
ـ ليه ماكانش كده من زمان؟
ـ ليه سيبتنا نضيع العمر في خصام وغِل بدل ما نربّي أولادنا على حب بعض؟
سنين ضاعت وصعب تتعوض ...
والاغرب ! إزاى ابتهال تقبلت وجود ولادى وقدرت تخليهم يتعلقوا بيها كده
للدرجه دى انا كنت عاميه ومش شايفه كميه الحنان اللى عند ابتهال دى ؟؟
بدأت فردوس بفتح حديث مع ابتهال حتى تخف حده التوتر بينهم
ـ الولاد متعلقين بيكى أوى يا ابتهال
ـ هما هاديين ومؤدبين بس محتاجين يخرجوا كتير لانهم مش واخدين على الناس
ـ منا للاسف مش بقدر اخرجهم لواحدى
ـ جربى يا فردوس دول هادين وهيكونوا مؤدبين معاكى وهيخافوا يبعدوا عنك عشان مايتهوش
ـ هجرب مره اعمل كده.... وغير كده انا خلاص قدمت للكبير فى مدرسة والصغير فى حضانه
ـ تمام حلو اوي
ـ عايزاهم يبقى زيك يا ابتهال
بصتلها ابتهال بصدمه هى مكنتش متوقعه أبدا أن ممكن فردوس تقول كده أو تتمنى حاجه زى دى
ـ بإذن الله هيطلعوا احسن
اهم حاجه خليهم يحبوا بعض ويبقوا سند لبعض
اماءت فردوس برأسها لابتهال
مرّ الوقت، وكان الكلام بينهما خفيفًا…
كأنهما غريبان التقيا مصادفة على طريق، وتبادلا كلمات دافئة دون أن يدركا أنهما يعرفان بعضهما منذ عمر.
لا عتاب، ولا دموع…
مجرد نبرات هادئة، تخطو على أطراف أصابعها، كأنها خايفة توقّظ الغضب القديم.
فردوس (بصوت شبه هامس):
ـ فاكرة وإحنا صغيرين… كنتى بتحبى تكتبي على الحيط؟
ـ كنت بكتب إسمي… يمكن كنت عايزة أثبت إني موجودة.
ـ وأنا… كنت بمسح كل حاجة تكتبيها.
ـ ليه؟
ـ كنت بغير… من كل حاجة بتلمع حواليكي.
حتى وإن كانت مجرد حروف على حيطة.
تعرفي؟
أنا عمري ما قلتلك “بحبك” وإحنا صغيرين…
ولا حتى لما كبرنا.
بس انا بحبك يا ابتهال وغيرتى منك عشان شيفاكى حاجه كبيره أوى
وتعرفى كمان انا بقى ليه صحاب وبكلمهم عليكى ونفسى اعرفك عليه
انتى متخيله أن انا بقى ليه صحاب وزمايل فى الشغل
سكتت ابتهال مكنتش عارفه ترد تقول ايه
السكوت ماكانش تقيل، كان فيه راحة… زي اللي خلص من حمل طويل وشاف الطريق قدامه أخيرًا.
فردوس:
ـ ممكن نبدأ من جديد يا ابتهال؟
مش كأخوات… كصاحبات؟ احنا فشلنا اننا نكون اخوات خاينى اجرب ابقى صاحبتك ممكن
ـ مش عارفه خلى الايام ماشيه يمكن تقدر تصلح الماضى …
مرت الايام وكانت بتتكرر زيارات فردوس لابتهال واحيانا كانت ابتسام بتروح معاها
شعور ابتهال تجاه فردوس كان مشتت كانت بتحس أنها ضحيه لاهلها زيها لكن مامتها مش قادره تسامحها
تواصلت كتير مع دكتوره وفاء اللى دايما كانت بتطلب منها تحاول تسامح عشانها عشان يكون عندها سلام داخلى
لكن ابتهال الموضوع كان صعب عليها
فى منزل عمران:
انتهى عمران من تجهيز منزله...
ووقف في النص، يبص حوالينه وكأن البيت بقى له روح…
بس ناقصه نبض.
كل ركن لمسته إيده… وايدها
جلس عمران على السرير،
سند ضهره لظهر السرير ،
وساب عينه تسرح…
وتخيل نفسه واقف على باب الأوضة،
شايلها بين دراعاته،
وهي مدارية وشها في صدره،
بتضحك بخجل، وصوتها واطي:
ـ "نزلني يا عمران… أنا تقيلة!"
ضحك وهو بيبص في عينيها:
ـ "تقيلة إيه؟
ده أنا كنت شايلك من غير ما تبقي جنبي…
شايلك في قلبي سنين،
مستني اللحظة دي."
دخل الأوضة وهو شايلها،
رجليها بتتمرجح في الهوا،
وفستانها الأبيض البسيط بيلمس أطراف الحيطان كأن المكان بيبارك.،
قرب للسرير،
نزلها برفق…
وصوته ما نطقش،
بس عينه قالت كل حاجة.
مد إيده بهدوء،
ولمس خدها،
كانت إيده دافية،
وهي مغمضة عنيها كأنها بتخبّي نفسها فيه.
طبطب بإيده على شعرها،
وبعدين سحب طرحتها ببطء،
وبص لها كأن الزمن وقف،
وكل اللي قبله ما بقاش له معنى.
هي مدت إيديها ولفتها حوالين رقبته،
حطت راسها على كتفه،
ونفَسها لمس جلده بهدوء…
قرب منها،
وحط جبينه على جبينها،
مابينهم بس أنفاس،
ودقة قلب كانت ماشية على اسمه.
قرب منها،
صوته ساكن،
بس عينه بتحضنها.
مرر صوابعه على خصلات شعرها،
ببطء…
كأن كل خصلة فيها حكاية،
وهو بيقراها بلمسته.
حرك وِشها ناحيته،
ونظرتهم اتقابلت،
ثواني… بس تقيلة،
زي دقّة باب ما بين قلبين.
فاق من شروده على صوت هاتف من ابتهال ابتسم على خياله وقرر أن يجعل الحقيقه اكبر من الخيال
ـ أهلا يا عروسه لسه كنت بفكر فيكى
ـ القلوب عند بعضها ... السباك خلص خلاص
ـ اه كده كل حاجه تمام فاضل يومين بس على فرحنا وهتعيشى معايا فى الجنه
ـ يا خوفى من جنتك
ـ تحبى اقولك هعمل ايه
ـ اقفل يا عمران سلام
ـ هو انتى دماغك كده دايما شمال
ـ دماغى ولا تلميحاتك
ـ خلاص هانت فاضل يومين
فى منزل ياسين كان يجلس فى غرفه نومه وبجانبه زوجته الجديدة
ـ بقولك ايه يا ياسين تفتكر عم طليقتك ممكن يجبلك العيال تانى
ـ لا طول منا ببعتلهم فلوس مش هيجبهم
ـ مانفسكش تشوفهم
ـ انا لا بتاع خلفه ولا بتاع مسئوليه يا زوزه انا بتاع حب واللذى منه وبس
مسئوليه بقى وعيال لأ
ـ طيب افرض رفعت قضيه عليك هاكسبها على فكره
ـ منا بدفعلهم نفقه
ـ وكل شويه يضغطوا عليك عشان تزود النفقه والعيال هتكبر وهتدخل المدرسه ومصاريفهم هتزيد وعمها مش هيسيبك
ـ طيب اعمل ايه
ـ بيع الشقه واشترى شقه تانيه فى مكان تانى واكتبها بأسمى
ـ نعم يا ختى
ـ تصدق انا غلطانه انى بنصحك
ـ بتنصحينى فعيزانى اجيب شقه تانيه باسمك
ـ يابنى افهم العصمه بايدك وممكن اكتبلك ورق يحفظلك حقك بس وقتها هما مش هيعرفوا ياخدوا منك حاجه ولا حتى هيكون ليها مكان عشان تكون حاضنه
صمت ياسين يفكر فى حديث زوجته وجدها محقه
وقرر أن يبيع ذلك المنزل حتى لا يستطيع جبران أن يهدده بالاولاد مره أخرى
مر يومين وكانت فردوس تفرض نفسها على ابتهال تحاول التقرب منها دائماً وكانت ابتهال لا تمانع فكانت ترى الحب والفخر فى نظرات اختها
واصبحت تأخذ اولاد اختها وتخرج معهم بمفردها واوقات اخرى كانت فردوس تخرج معهم وأحيانا
كانت تذهب معها وهى تشترى لوازم منزلها
اصبحت حياه فردوس مختلفة كلياً عن زى قبل أصبحت تهتم بنفسها وبعملها واولادها فقط وتحاول أن تصلح علاقتها مع اختها
علاقتها مع ابتسام لم تختلف كثيراً بالعكس كانت دائما ما تساند امها لتقترب من ابتهال لكنها تعلم من داخلها أن ابتهال غير متقبله الأمر ولمنها كانت تتعامل معها بشكل طبيعي
لم تفكر ابتهال أن تلومها او تفتح الماضى هى لا تريد النظر للوراء ولكنه لم يكن بالامر الهين لتنساه
فما مر قد مر
مر يومين اخرين وأتى يوم الزفاف
كان الزفاف فى قاعه كبيره وبها كل اصدقائه واصدقائها كانت فردوس ترتدى فستان أسود هادئ وحجاب من اللون الدهبى كان لبسها هادئ لكن مميز جعلها تبدوا اصغر سناً وكان ابنائها يرتدون بدله سوداء
كانوا الاولاد برفقه جبران الذى كان يتابع التجهيزات ومعه صديق عمران المقرب وشريكه سعيد
الذى تزوج فى الخارج وانفصل عن زوجته قبل عودته لمصر
كان عمران منشغل بتجهيز حاله ومتابعه ابتهال ومعه بعض زملائه المقربين فى المستشفى التى يعمل بها
انتهت ابتهال من التجهيزات وقامت فردوس بالاتصال به وبإبلاغه
فى غرفه ابتهال كانت تجلس متوتره تنظر للمراه كل دقيقه تتأكد من مظهرها إنه لا ينقصه شئ ولكن توترها لم يكن بسبب مظهرها فالكل اثنى على جمالها ولكنها كانت متوتره بسبب عمران لا تعلم سبب توترها ولكن كان جوها شئ بيشدها وبيسحب منها الهدوء
صعد جبران ليأتى بابتهال ويسلمها لعمران وترك ابناء فردوس لابتسام فسبقتهم ابتسام لاسفل وجلست على الطاوله ومعها ابناء فردوس منتظره قدوم ابتهال
خرجت ابتهال من الغرفه وحولها اصدقائها وبجانبها اختها
صوت الموسيقى كان هادي فى القاعه ...و نغمة كلاسيك فيها هيبة.
الأنوار خفتت تدريجيًا… واتوجهت كل العيون للسلم الكبير في منتصف القاعة.
وفجأة...
ظهرت هي.
ابتهال.
نازلة على السلم بخطوات بطيئة، وراسية وبجانبها عمها تمسك فى معصمه بقوه …
زي مشهد خارج من فيلم، لكن أجمل بكتير.
فستانها بديل طويل كان بلون عاجي ناعم، خالي من البهرجة…
بس خامته كانت بتلمع تحت الإضاءة كأنها نجوم صغيرة.
الطرحة نازلة لحد آخر الدَّرَج، ماسكة فيها التاج زي هالة نور حوالين راسها.
هدوء غريب عمّ القاعة…
حتى صوت الملاعق وقف.
كل الناس بصت… بس محدش اتنفس.
كان في سحر حقيقي وهي نازلة.
خطوتها ثابتة، لكن عينيها كانت بتلمع من التأثر.
بدات فى نزول الدرج على اغنيه
طلي بالابيض طلي يا زهرة نيسان
طلي يا حلوة وهلي بهالوجه الريان
طلي يا فرحة عمري يا بهجة هالزمان
طلي يا قمر الليالي وانسى كل الأحزان
طلي يا قمر الليالي وانسى كل الأحزان
طلي بالابيض طلي يا زهرة نيسان
طلي يا حلوة وهلي بهالوجه الريان
عمران وقف، كأن روحه خرجت منه وراحت لها على السلم.
عينه ما سابتش عينيها، ووشه اتحول بالكامل…
كأنه بيشوفها لأول مرة،
أو بيصدق أخيرًا إنها… جاية له.
ابتسام، كانت بصلها وبتدعى فى سرها ربنا يحميها ، بصّت على فردوس ودعلتها بالعوض وبدأت عنيها تدمع بفرحه عشان بنتها
وفردوس… بصّت على أختها بكل فخر،
نزلت ابتهال لآخر سلمة،
ومد يده عمران ليدها ليأخذها من والده ولكن قبل ان يتركها جبران
، قال بصوت واضح:
ـ "من النهارده… إنت مسئول عنها.
مش عايز أشوف دمعة في عينها تاني… مفهوم؟"
هز عمران راسه، وهو ماسك إيدها كأنها كنز واقترب منها اكثر وقام بضمها لصدره وقبلها من يدها ورأسها وذهب بها للقاعه
ومع أول خطوة ليهم في القاعة…
رجّت الزفة، والموسيقى انفجرت، والكل وقف يصفق
كانت فردوس تدور فى القاعه تتأكد من التجهيزات ولمحها سعيد وظل يراقبها طوال الفرح دون أن تشعر فردوس
كان جميع من في القاعه منشغل بالعروسين يرقصون معهم ويلتفون حولهم
بم يترك عمران ابتهال لحظه طوال الفرح
مر الزفاف سريعاً وسط سعادة ابتهال وعمران والجميع كان يبارك لهم من قلوبهم
فى نهاية الزفاف حمل عمران ابتهال وخرج بها سريعاً من القاعه وخرج خلفهم اصدقائهم وهم يصوروهم على ذلك المشهد الرومانسى
وصل عمران المنزل ومازال يحمل ابتهال
دخل بها الغرفة وسط صمتها وخجلها وضعها على السرير
و مد إيده وفك لها طرف الفستان من الخلف وباليد الاخرى لمس شفايفها بطرف صباعه،
وقال من غير ما ينطق:
"أنا هنا… مش هبعد، مش هكسرك ... هفضل جمبك طول العمر ."
هي كانت بتبص له بعين فيها رجفة،
بس ما انسحبتش…
قربت أكتر،
وسندت راسها على صدره.
ضماها،
وكان حضنه واسع…
أوسع من سنين الوحدة.
أنامله مشيت على ضهرها بهدوء،
زي نسمة بليل الصيف،
وهو بيوشوشها من غير صوت:
"اطمني… خلّي خوفك ينام دلوقتي."
رفعت وشها له،
وقرّبت شفايفها من شفايفه،
مافيش استعجال…
بس كان في شوق قديم،
بيتفك دلوقتي بس.
باسها.
بوسة مش بس حب…
بوسة "أمان"،
بوسة "أنا لقيتك أخيرًا"،
بوسة "لو الدنيا كلها وجعتك… أنا دواكي."
إيديها علّقت على صدره،
كأنها بتثبت مكانها الجديد،
مكانها الحقيقي.
وهو لفّ الغطا حواليهم،
وقال جواه:
"الليلة دي مش بس أول ليلة…
دي بداية حياة."
الاخيره
سافرت ابتهال برفقه عمران لشهر العسل ووكانت تعيش أجمل أيام حياتها
كانت واقفة عند الزجاج، لابسة قميص أبيض طويل من الحرير،
بيتحرك مع الهوا كأنه بيرقص معاها.
عِمران كان واقف وراها… بيبصلها من بعيد.
مش قادر يبعد عينه عنها.
كل تفصيلة فيها كانت بتسحره…
من شعرها اللي نازل على ضهرها
لرجليها الحافية اللي بتطبع أثرها على الأرض الرخام.
قرب منها ببطء…
ولما حسّت بيه، ما اتحركتش.
فضلت واقفة… سايبة كل شيء حواليها يختفي…
إلا إحساس وجوده وراها.
وقف قريب جدًا…
صوت أنفاسه كان بيدوب في رقبتها،
وقال بهمس عميق، صوته خشن شوية، لكنه ناعم زي الحلم:
ـ "أنا تايه فيك…"
لفّت راسها بصوت قلبها، مش بكلام،
وعيونها فضلت على عيونه…
كأنهم بيتكلموا بلغة لا حد يفهمها غيرهم.
مدّ إيده، ومسح خصلة من شعرها بعيد عن خدها،
ولمس خدها بأطراف صوابعه كأنها قطعة زجاج غالية
وقال بنَفَس رايح جاي:
ـ "كل مرة ببصلك… بحس إن دي أول مرة أشوفك."
قالت بصوت واطي، لكن كله إحساس:
ـ "وانا كل مرة تلمسني… بحس إني بتخلق من جديد."
قرب أكتر…
كأن المسافة بينهم اتلغت.
باس جبهتها، وبعدين خدها…
باسها بحنية راقية، مالهاش علاقة بالرغبة،
دي كانت قبلة وعد.
وعد إنه مش هيسيبها،
وعد إنه كل ليلة هيفتكرها كأنها أول وآخر مرة.
شدّها لحضنه،
لكن حضنه ماكنش عادي…
كان حضن راجل شايف كل الدنيا فيها.
وفي حضنه…
هي سابت نفسها.
لف دراعه حواليها،
وطبطب بإيده على ضهرها،
وقال بصدق ناعم:
ـ "أنا بحب كل تفاصيلك… صوتك، سكوتك، لمسة إيدك… وحتى نَفَسك."
همست بصوت متكسر، وهي بتحط إيدها على قلبه:
ـ "أنا فيك… ومعاك… ومش عايزة غير كده."
لفّاهم البحر حواليهم…
والليل كان شاهد على لحظة حب
مافيهاش ماضي…
مافيهاش بكرة…
فيها "دلوقتي"،
وفيها اتنين…
مابقاش فيهم فراغ.
فى الصباح
كانت أشعة الشمس بتتسلل من الشباك الواسع،
وتنزل على السرير برقة،
زي إيد بتحاول تصحيهم بهداوة.
ابتهال كانت نايمة على جنبها،
وشعرها منتشر فوق المخدة زي شال حرير،
وشفايفها شبه مفتوحة… في براءة طفل.
عِمران كان صاحي…
بس ماقدرش يتحرك.
كان قاعد يتفرج عليها كأنها لوحة،
وبيعدّ النفس اللي بتاخده…
قرب وشه منها،
وهمس بصوت يكاد لا يُسمع:
ـ "صباحك جنة… يا أجمل حلم صحيت عليه."
ابتهال حرّكت رموشها شوية…
فتحت عنيها ببطء، لقت وشه قدامها…
قريب جدًا، وفيه ابتسامة صغيرة
بتقول:
"أنا هنا… ولسه هافضل."
قالت وهي بتتكلم بصوت ناعم:
ـ "صاحي من إمتى؟"
ردّ وهو بيحضن خدها بإيده:
ـ "من قبل الشمس… بس كنت مستني أشوفك وإنتِ بتفتحي عنيكي."
ضحكت، وقالت وهي بتخبّي وشها في صدره:
ـ "ده حب ولا مراقبة؟"
ـ "ده عشق ."
ردّها وهو بيحضنها أكتر،
وحسّ بدقّات قلبها
قعدت، ولفت الملاية عليها، وقالت وهي بتتمطى:
ـ "أنا جعانة…"
ـ "وأنا كمان…"
قالها وهو بيشدّها من إيدها:
ـ "بس جعانلك."
ضحكت وهي بتخبطه بخدها، وقالت:
ـ "عيب يا عِمران، الصبح بدري."
قرب منها، وباس طرف أناملها
وقال برقة:
ـ "أنا بحب إيدي في إيدك… وبحب صوتك وانتي بتقوليله اسمي…
بحب تفاصيلك وإنتي لسه نايمة…
وإنتي بتضحكي، وإنتي بتتدلعي…
وبحب فكرة إنك بقيتي ليّ."
سكتت، وفضلت تبص له،
نظرة ستّ حبت راجلها للآخر…
من غير ولا كلمة، قربت منه،
وحطت إيدها على وشه،
وقالت:
ـ "وأنا… لقيت نفسي لما لقيتك
بعد دقائق،
كانوا قاعدين على التراس،
قدامهم الفطار… عصير فريش، وعيش طازة، وبيض، وجبن.
بس هما ماكانوش مهتمين بالأكل.
كانوا بيأكلوا بعض بنظراتهم…
ضحك هادي، وكلام بسيط،
وأحساس بيقول:
"لو اليوم ده اتكرر ألف مرة،
أنا عايزه يعدّي كده…
وأنا فـ حضنك."
فى المركز الطبى
كانت فردوس جالسة وسط ملفاتها كالعادة، لكن عيونها ما كانتش على الملفات … كانت على الممر.
بقت بتلاحظ التوقيت. معاد مروره
كل يوم، في نفس الساعة تقريبًا، يعدي سعيد.
وبقى مرورُه بالنسبالها… حاجة بتستناها من غير ما تعترف لنفسها.
في الأول كانت صدفة…
بعدها بقت ملاحظة…
ودلوقتي؟ بقت عادة.
تدّعي إنها بتراجع ملف، أو بتصلّح حاجة في الجهاز، لكنها في الحقيقة… بتترقبه.
وهو؟
كان بيعدي… وبيراقبها .
نظرة مش طويلة، ولا قليلة…
لكنها تسكن فيها شوية.
وفي مرة، عدّى متأخر.
قلقت.
بصّت في الساعة.
رجعت تبص على الباب.
ووقت ما كانت بتلوم نفسها:
"هو أنا ليه كده؟"
ظهر.
وهي رجعت لملفها بسرعة، كأنها مشغولة.
بس وشها كان سخن…
وقلبها بيرن جواها زي جرس آخر الحصة.
بعد مروره قررت أن تسغل تفكيرها بعيداً عنه فخرجت من المكتب ومن المركز بالكامل واتصلت على ابتهال حتى تطمأن عليها
وبعد انتهاء المكالمه وكادت أن تدخل لتكمل عملها وجدته أمامها
كادت أن تمر من جانبه دون أن تتحدث معه لمنه اوقفها
ـ ازيك يا استاذه فردوس
ـ أهلا ازى حضرتك يا دكتور سعيد
ـ أنا بخير الحمدلله... كلمتى اختك ؟؟
ـ أه
ـ وهيوصلوا امته إن شاء الله ؟
ـ كمان يومين كده
ـ تمام يوصلوا بالسلامه... انا مكتبى فى اخر دور لو احتاجتى أى حاجة انا موجود
ـ شكرا لحضرتك
ثم تركته ورحلت وجسدها ينتفض من التوتر
مر اسبوع واتت ابتهال من السفر
كانت الشمس نازلة على استحياء، ونسمة خفيفة بتلعب في ستاير الشباك.
كانت ابتهال قاعدة على الكنبة، لابسة ترينج بسيط، وشكلها هادي…
رن جرس الباب.
قامت ، فتحته واتفاجئت.
بابتسام واقفة، وإيدها فيها علبة جاتوه.
ووراها فردوس، شايلة شنطة فيها حاجات خفيفة.
ابتسمت ابتسام بخجل:
ـ "قلنا نعدي نطمن عليكي…"
ما قالتش ابتهال حاجة، بس فتحت الباب على وسعه.
دخلوا. وحضن اولاد فردوس ابتهال وقعدوا يلعبوا معاها شويه وبعد كده ابتهال سابتهم وراحت تعمل حاجه يشربوها
حطت فردوس الشنطة، وقعدت على طرف الكنبة:
ـ "عاملين إيه؟ السفر تعبك؟"
ردّت ابتهال بهدوء:
ـ "لا… كله كان تمام الحمد لله."
فضلت ابتسام واقفة، بتحاول تفتّش عن كلمة تكسر الصمت.
ـ "جبتلك الجاتوه اللي بتحبيه… فاكراه؟ اللي من محل (الاسم) اللي جنب شغلك القديم."
رفعت ابتهال عينيها ليها، ونطّت في عينها لمعة خفيفة…
لكنها اتكلمت بعقل:
ـ "شكراً… ربنا يخليكم."
جلست ابتسام بجوار بنتها، وقربت منها شوية.
ـ "أنا… أنا مقصّرة، وكنت عايزة أصلّح."
سكتت ابتهال، ما قالتش "مسامحة"… ولا قالت "لا".
لكنها قالت حاجة تانية:
ـ "أنا تعبت قوي يا ماما… ومش هقدر أرجع زي زمان بسهولة."
اتشدّ الوتر جوا التلاتة.
بس فردوس قطعت الصمت وقالت بحنية:
ـ "خدي وقتك… إحنا بس جايين نطمن."
بصّت ليها ابتهال، ماكنتش متوقعة النبرة دي.
أول مرة تحس إن فردوس بتتكلم من غير ما تنافس، ولا تبرر.
عدّت الدقايق ببطء، لكن الجو اتحسّن.
تحدثت ابتسام محاولة كسب ود ابتهال، ونبرة صوتها فيها حنية وخوف:
ـ "أنا بحبك يا ابتهال… ومش عايزة أخسرك تاني."
ابتهال ردّت وهي بصّة في الأرض، من غير ما تبص في عينها:
ـ "أنا كمان… مش عايزة أتوجع تاني."
سكتت لحظة، ثم همست:
ـ "أنا كده… مرتاحة."
سادت لحظة صمت، تقيلة زي اللي بتيجي بعد عاصفة.
فجأة، قطعت فردوس الصمت بصوت فيه وجع حقيقي، والتفتت لأمها:
ـ "على فكره يا ماما…
أنا كمان مكنتش مرتاحة في حياتي.
مش بس ابتهال اللي اتأذت من طريقتكم… أنا كمان."
ابتسام رفعت عينيها بدهشة.
كملت فردوس، وعينيها فيها لمعة صدق:
ـ "احنا الاتنين كبرنا وجوانا وجع… وغيرَة.
بس يمكن أنا كنت بغير أكتر من ابتهال…
لإني كنت بشوفها ناجحة، ومش فاهمة إزاي بتقوم على رجليها لوحدها، من غير ما حد يسندها.
كنت بسأل نفسي دايمًا…
إزاي بتقدر؟"
اتسعت عينا ابتسام، والندم باين عليها.
فردوس بصّت لأختها وقالت بنبرة هادية:
ـ "أنا آسفة…
بس أنا لسه بتعلّم أحبك صح."
ابتهال ما ردّتش، بس عينيها اترطبت.
وفي أعماقها… حاجة بدأت تتهز.
مش تسامح كامل، لكن أول خطوة… لقبول الحقيقة.
دخل عمران بخطواته الهادية،
قرب منهم، سلّم بابتسامة دافية،
وقعد جنب ابتهال،
مسك إيدها بهدوء وباسها ، كأنّه بيطمنها من غير كلام.
ابتسام ابتسمت له بإمتنان،
لكن هو بصّ لفردوس، وقال وهو بيرتشف عصيره:
ـ "تصدقوا سعيد كلمنى من شوية،
بيقولى شاف واحدة عجباه وعايزنى أروّح معاه نِخطبها!"
فردوس كانت بتضحك على دخلوه وطريقته مع ابتهال
بس فجأة الضحكة وقفت عند شفايفها.
سألته بنبرة فيها ارتباك مغلف بهزار:
ـ "إيه؟! خطوبة؟ مين دى؟!"
هزّ عمران كتفه وقال بلامبالاة:
ـ "معرفش، بس بيقول إنها بنت مؤدبة، وشكلها ملتزمة، وبتحب شغلها...
واضح إنه واخد باله منها من فترة، وقرر ياخد خطوة."
فردوس حاولت تبان عادية،
لكن عينيها راحت بسرعة على ابتهال،
اللي كانت قاعدة جنب عمران،
ساكتة... ووشها هادي... مش فارق معاها الكلام!
فردوس سكتت لحظة،
بس جواها حاجة لسعتها...
"إزاى؟! سعيد يبص على واحدة تانية؟ طب ما هو كان بيبصلي!"
ـ "هو... هو قالك اسمها؟"
سألته وهي بتحاول تحافظ على نبرة صوت ثابتة.
ضحك عمران، وقال بذكاء:
ـ "لأ، بس قالى إنها شغالة فى الحسابات،
يعنى زى ناس نعرفهم."
فردوس بلعت ريقها،
وسابت العصير من إيدها، وقالت بسرعة:
ـ "إحنا اتاخرنا نسيبكم بقى ونستأذن يلاةيا ماما ثم نادت على اولادها الذين كانوا منشغلين فى الرسم
قامت، ومشيت بخطوات سريعة،
لكن عمران شاور لابتسام من غير ما فردوس تشوف، وقال:
ـ "غيرانة."
ابتهال بصّت له وقالت بهدوء:
ـ وهى هتغير ليه
رد وهو بيرمقها بعين شبه ضاحكة:
ـ هتعرفى بعدين
قام عمران مسرعا خلف فردوس واوقفها
ـ استنى يا فردوس عايزك فى موضوع مهم
ـ خير يا عمران سمعاك
ـ نتكلم جد شويه سعيد كلمنى عنك انهارده
ـ أنا ؟؟
ـ أه وحابب انه يرتبط بيكى وياخد خطوه رسمى
سعيد انسان محترم وليه وضعه وهيعاملك بما يرضى الله
ـ أنت عارف ظروفى يا عمران
ـ ماتقلقيش انا حكيتله كل حاجه وهو ماعندوش مشكله خالص فى وضعك ولا إن يكون اولادك معاكى
تحدثت ابتهال بهزار
ـ أهم حاجة يوافق إنه يسيبها تشتغل
نظرت لها فردوس بغيظ مفتعل
ـ ابتهال انا لو هتجوز فهتجوز عشان اقعد فى البيت انا بشتغل بالعافيه 🤣🤣
ـ إيه ده امال فين اندبنتد ومن وعايزه ابنى مستقبلى
ـ ده وانا سنجل 😊😊😊
تحدث عمران
ـ افهم من كده انك موافقه
ـ لأ قوله هتفكر سبنى اتقل شويه
ـ دانتى واقعه واقعه
ـ تصدق انا غلطانه أنا ماشيه
جلسوا جميعاً مره اخرى واستدعى عمران والده وابلغه بموضوع سعيد ورحب جبران بارتباط فردوس بسعيد
مر اسبوعين واتى سعيد واهله وطلبوا فردوس للزواج فى وسط جو عائلى وحددوا موعد الزفاف فى اقرب وقت عندما ينتهوا من الفرش
مرت الايام سعيدا واتى يوم الزفاف وكان زفاف بسيط حضره الأهل فقط من الطرفين
انتهى عقد القران وذهب الجميع لمنزله
فى منزل سعيد ثانى يوم
استيقظت فردوس على صوت خفيف وهو بيحرّك شعرها من على وشها،
فتحت عنيها ببطء...
لقيت سعيد قاعد جنبها،
نظراته فيها حنية وأمان… مافيهاش أحكام ولا شفقة، بس فيها وعد كبير.
قال بهدوء:
ـ "صباح الخير يا ست البنات."
ضحكت بخجل، وقالت وهي بتعدل طرحتها:
ـ "صباح النور..."
قرب منها، وسند راسه على كفه وهو بيبصلها،
وقال:
ـ "كنتي نايمة ومش مرتاحة... حاسة بحاجة؟"
هزت راسها وقالت بصوت واطي:
ـ "مش متعودة أصحى وفي حد جنبى..."
سكتت لحظة، وبعدين همست:
ـ "أنا مش خايفة على نفسي... أنا خايفة على ولادي."
ابتسم سعيد بهدوء، وقال بنبرة فيها طمأنينة:
ـ "أنا خدتك إنتي وولادك... ما خدتكيش لوحدك.
هم من دلوقتي أولادي... ومش هحسّسهم يوم إنهم غرب."
نزلت دمعة من عين فردوس،
حاولت تخبيها بسرعة، لكنها ما لحقتش،
قرب منها، مسك إيدها، وقال:
ـ "أنا مش جاي أكمّل نُصك التاني...
أنا جاي أكونلك نُص جديد، مالوش علاقة بالماضي.
أنتي تعبتي كتير،
دلوقتي دورك ترتاحي... وتتحبي... وتتحبي زي ما إنتي."
قالت وهي بتحاول تضحك وسط الدموع:
ـ "هتبقى قادر؟ يعني فعلاً هتعرف تحبني ومعايا مسؤولية؟"
رد وهو بيشد الغطا عليها بحنية:
ـ "أنا اخترتك انتي بكل اللي فيكي...
ولو الزمن رجع بيا، هاختارك تاني... إنتي وولادك
فى منزل وليد اصبح الوضع في حاله لا يرثى لها
في بيت وليد، مافيش راحة،
الهدوء الوحيد اللي بيحصل… بيكون قبل العاصفة.
مراته مش بتهدى،
كل يوم طلب جديد، وكل ليلة سهر وخروج،
عايزة تخرج… تسهر… تتفسّح… تشتري لبس وساعات ومكياج…
وهو بيعدّ فلوسه بالعافية، وبيعدّ أعصابه أكتر.
قال لها مرة:
ـ "مش معايا النهارده… هنأجل الخروجة للويك إند."
ردّت عليه وهي بتلبس الكعب:
ـ "لو مش هتنفذ اللي بقوله… طلقني يا وليد!"
كلمة "طلّقني" بقت زي الزرار اللى بتدوس عليه كل ما تتنرفز.
بس هي مش عارفة إن الكلمة دي لو خرجت من بقه
هتخلص عليه قبل ما تريّحه عشان كده بقت تضغط عليه بيها
وليد قاعد لوحده في الصالة،
نفس القعدة اللي بيقعدها كل يوم،
شايل راسه بإيده،
وبيفكر:
"أنا كتبت الشقة باسمها زمان علشان أخلّص من فردوس وجبران…
كنت فاكر إني كده أمنت مستقبلي…
دلوقتي أنا محبوس في بيت مش بيتي،
وقلبها مش ليا،
وطلاقها = الشارع!"
كان ممكن يطلقها ويرتاح،
والقانون مش هيقف معاه
هو مش حتى عايزها!
بس عايش معاها مجبر…
وهي عارفة كده،
وعمالة تضغط أكتر… وتطلب أكتر… وتهينه أكتر.
بقى بيعدّي الأيام،
مش عايشها.
يصحى على صوت خبط كعبها وهي نازلة،
وتسيبه من غير ولا كلمة…
وهو يفضل قاعد، يبص فـ السقف،
ويقول جواه:
"إيه الفرق بيني وبين المسجون؟
يمكن هو بيخلص مدته…
أنا لسه ما بدأتش أحكمتي."
النهاية
