بنات الحاره 4cats
رواية بنات الحارة بقلم نسرين بلعجيلي
الفصل ٢٧
✨ مقدمة
في وقت بييجي على أي بني آدم، بيبقى لازم يواجه، ماعادش ينفع يهرب، ولا ينفع يتجاهل. فيه مواجهات ما بتبقاش عشان ناخذ حقنا وبس، أوقات بتكون عشان نثبت لنفسنا إننا نستحق نعيش بكرامة، وإن السكوت مش هو الحل.
في الفصل ده، كل واحد هيتحط قدام مرايته، اللي اتظلم هيتكلم، واللي ظلم هيلاقي نفسُه في وِش الحقيقة.
🌸 كلام من نسرين.......
أنا مؤمنة إن الظلم لو سكت عنه صاحبُه، ربنا عمره ما هيسكت. لو الدنيا كلها إتأمرت تظلمك، فيه لحظة هتوقف فيها وتقول: "لا، حقي هيرجع، وأكرملي أموت وأنا بطالب بيه."
محدش يستهين بوجع الغلبان، لإن دعوته بتعدي السما وتخبط في قلوب اللي ظلموه.
***الفصل 27***
هاجر طلعت من وسطهم وهي بتعيط.
صفية : مالك يا بت؟
هاجر : زينب عرفت باللي إنتِ عملتيه في جهازها، وزعلانة وقالتلي مش هتحضر الفرح.
صفية بمكر وبرود : خير وبركة، وش البومة دي هتبوزلك فرحك.
هاجر : حرام عليكِ يا ما اللي بتعمليه ده. فرحتي مكسورة بسببك. عملتِ مشاكل مع حماتي، وسرقتِ جهاز زينب.
صفية قامت من على الكنبة.
صفية : نعم يا اختي؟ حماتك ست سوسة، فاكرة إنها هتحطك تحت جزمتها؟ ده بُعدها. وسرقة إيه اللي أنا سرقتها؟ أنا خدت جهازها عشان هي واحدة بايرة، ما حدش بيبص في وشها، حرام حاجتها تفضل في الكراتين، إنتِ أولى، وكمان أنا ما سرقتش، ده بإذن أبوكِ.
هاجر : زينب زعلانة على حاجتها، والبنات كلهم في صفها.
صفية : خُشي يابت حطي ماسك على وشك وارتاحي شوية، إنتِ عروسة، وسيبك من زينب.
وراحت دخلت المطبخ.
هاجر فضلت واقفة في مكانها، مش عارفة تعمل إيه.
حامد طلع من أوضته.
حامد : مالك واقفة كده؟
هاجر : مافيش، وراحت على أوضتها.
راح حامد عند صفية في المطبخ.
حامد : البت هاجر مالها؟
صفية : إسأل المحروسة بنتك، زينب هي اللي أحرجتها قدام البنات.
حامد : أحرجتها؟؟
صفية : أيوه، وفضلت تتريق عليها وقالت لها مش هاحضر الفرح. البت بتغير من أختها وعايزة تبوز الجوازة.
حامد : إيه اللي بتقوليه ده يا وليه؟
صفية : أيوه ما انت مش طايق تسمع كلمة عليها. عايرتها بالجهاز إنه بتاعها، طب فيها إيه لو ساعدت أختها، وهي عارفة الظروف بتاعتنا؟
حامد بص لها بنظرة شك : يعني إيه تساعدها؟ إنتِ خدتي من جهازها بجد؟
صفية قربت منه وهي عاملة فيها مظلومة : يا راجل عيب عليك، أنا هسرق بنتك؟ أنا أخذت بإذنك، قلتلك البت حاجتها راكنة في الكراتين ومش باين لها عريس، هاجر أولى، وقلتلك قبل كده.
نسرين بلعجيلي
حامد حك دماغه ووشه متوثر : بس اللي عملتيه ده غلط، كان لازم تقوليلها وتستأذنيها وأنا ساعتها قلتلك لا و في الآخر عملت اللي في دماغك.
صفية : أستأذنها في بيت أبوها؟ عيب يا حامد. وإنت لو كنت راجل كنت وقفتها عند حدها من زمان، بدل ما تسيبها تعلي صوتها عليا وعليك. دي شايلة بقلبها مننا من ساعة ما أمها ماتت، وكل شوية تطلع اللي جواها بالطريقة دي.
حامد : إنتِ اتجننت يا وليه؟ أنا راجل غصب عنك.
صفيه : إنتَ سيد الرجاله بس نعمل إيه دلوقتي الحاجه في بيت العريس وبكره الحنه و بعده الفرح، إيه نبوز فرح البت؟
حامد بصوت مخنوق : ماشي، أنا هتصرف، بس لو الموضوع كبر أكثر من كده، أنا ماليش دعوة.
صفية وهي بتقفل باب التلاجة وهي بتبرتم : كبر ولا صغر، أنا عارفة أنا بعمل إيه، ومالهاش حاجة عندنا.
وأنا مش هسيب فرحة بنتي تتنكد بسببها.
حامد مشي من قدامها وهو مش مرتاح، لكن كتم الكلام في قلبه.
أما صفية، فابتسمت ابتسامة خبيثة وقالت لنفسها : اللي عايز حقه يشيله بإيده.
تاني يوم...
الكل كان مشغول في تجهيزات الحنة. فوق السطوح، الحنة كانت هتكون للستات بس، وفي الشارع للرجالة.
محمد إتكلف بكل حاجة من ورا أهله، جاب الكراسي والزينه، والكل بيساعد.
صفية راحت شقة زينب. البنات كانوا بيجهزوا الكيك والمشروبات.
صفية : السلام عليكم.
صفاء : وعليكم السلام.
صفية : إوعوا تكسفوني، شدوا حيلكم بقى.
رحاب : نكسفك في إيه؟ هو الألف ملطوش اللي اديتيه لينا هيكفي اللي بنعمله؟! طالبة مشروبات وكيك، وتاني يوم سندوتشات وكيك سواريه، هو إنتِ مش عارفة إننا لمّينا من بعض علشان نعرف نجيب الطلبات؟
صفية : مالك يا أختي؟ ما تهدي على نفسك شوية. يخلص الفرح وأنا هحاسبكم.
رحاب : الكلام ده تقوليه لحد تاني، أقسم بالله لو ما طلعتيش فلوس مش هنكمل. إنتِ جاية تضحكي علينا، راميا لينا ملاليم، وبعد كده ما تديناش حاجة وتخلي زينب هي اللي تدفع؟ ده بعدك.
صفية بصتلها بنظرة حادة وقالت بصوت متحشرج من الغيظ : إنتِ بتكلميني كده يا رحاب؟ هو أنا باشتغل عندكم؟ ما هو كله عشانكم، البت هاجر أختكم وانتوا لازم تقفوا جنبها مش عايزة منكم معروف.
رحاب بصتلها ببرود وقالت : واحنا وقفنا، بس مش على حسابنا يا صفيه، كل حاجة بفلوس، ولو كنتِ ناوية تكلفيها علينا يبقى من الأول تقوليلنا.
صفية لفّت وشها ناحية البنات : وأنا اللي قلت آجي أديكم كلمتين حلوين، طلعتوا عقارب، يا خسارة العِشرة.
صفاء قالت وهي بتمسح الطاولة : عِشرة إيه يا خاله صفيه ، ما بينا عِشرة، بس كل واحد لازم يعرف حقه، مش معقول نعمل كل ده وفي الآخر نقعد نتحايل عالفلوس.
نورهان قالت وهي بتجهز الكاسات : وبعدين إحنا بنشتغل مش بنشحت. هاتوا الفلوس اللي اتفقنا عليها واحنا نكمل الليلة دي وألف ليلة بعدها.
صفية بصت لهم بغيظ وقالت : ماشي، ماشي، أنا هحاسبكم بعد الفرح، بس يا ويلكم لو قصرتوا في حاجة، ده فرح بنتي، وعيب أسمع كلمة من حد.
رحاب ردت عليها : خلي الفرح يمشي بسلام يا صفيه، بس إحنا لينا حساب بعد الفرح ولازم كل قرش ييجي بحق تعبنا.
صفية بصت لهم بقرف وقالت : ولا يهمكم، كله هيتحاسب.
وسابتهم وخرجت وهي بتزفر وتلعن في سرها.
أما البنات، كملوا تحضيراتهم والجو متوتر، بس كل واحدة فيهم جوة قلبها نار.
الليلة دي هتعدي، لكن الحساب جاي جاي.
بالليل إبتدت مراسيم الحنة، الستات متجمعين فوق السطح، وأغاني المهرجانات مالية الحارة.
وزينب كانت في أوضتها، قاعدة بتعيط. دخلت عليها صفية.
صفية : إيه يا بومة؟ كل ده غيرة فيكِ علشان أختك أحلى منك وأصغر منك واتجوزت وإنتِ لأ؟
زينب : إطلعي بره.
صفية : والله وبقى ليكِ بيت تطرديني منه؟
زينب : إنتِ عايزة مني إيه؟ بيت أمي سيبته ليكِ، وجهازي أخذتيه،
عايزة تاخذي إيه تاني؟
صفية بغل شديد : عايزة روحك.
زينب بصت لها بصدمة من الكلام : إيه؟! روحي؟!
صفية : أيوه يا أختي أنا بكرهك،
إنتِ بومة. من ساعة ما أمك جابتك للدنيا وهي تعبانة لحد ما ماتت.
اتجوزت أبوكِ، وهو إيد ورا و إيد قدام، مش عارف يِقِب على وش الدنيا، وإنتِ السبب. كل ما أروح عند شيخ يقولّي: عندك سحر في البيت. ما هو إنتِ السحر يا أختي، أنا مش طايقاكِ. أهلك مش عايزينك، ولا حد طايق يشوفك. وبعدين بيت إيه يا أمّه بيت؟ ده بيت إيجار بإسم أبوكِ، وروح أمك لسه ملازماكِ. حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ إنتِ وهي، أشوف فيك يوم.
زينب : إنتِ أكيد مش طبيعية، إنتِ مجنونة.
صفية : أيوه يا أختي مجنونة، ولو ما طلعتيش تفرحي مع أختك، هطلع جناني عليكِ، وديني وما أعبد، إنتِ لسه مش عارفاني كويس.
Nisrine Bellaajili
زينب : عارفه ليه مش بخاف منك؟ علشان لو كان ليا عمر، عمر ما هخاف من ست زيك، قلبها ميت وروحها سودا. خذتِ كل حاجه، خدتِ أمي مني، خدتِ بيتي، خدتِ جهازي، عايزة إيه تاني؟
صفية قربت منها ووشها كله غل :
روحك، عايزة روحك، علشان أرتاح.
زينب : بس مش هديهالك، أنا لسه واقفة وهفضل واقفة. عارفه ليه؟
علشان لو موتي جسمي، أنا سيباكِ لربنا. و والله، والله لحد آخر نفس فيا مش هسكت.
صفية ضحكت بس ضحكة كلها سم.
صفية : نشوف يا بومة، اللي عمره ما كان ليه ضهر، عمره ما هيعيش كثير.
زينب فتحت الباب وصرخت فيها.
زينب : إطلعي بره أوضتي يا صفية. إطلعي وإلا والله ما هسكت تاني.
صفية بصتلها بقرف وخرجت من الأوضة تضحك.
والبيت كله سامع الزعيق، والبنات واقفين قدام الباب مش قادرين يتحركوا من الصدمة.
نورهان بصوت واطي : الست دي مش طبيعية، دي لو قدرت تقتلها بجد هتعملها.
رحاب : بس زينب قوية، وأنا وراها لحد آخر نفس.
صفاء : ومش لوحدك، إحنا كلنا معاها.
دخلوا البنات عند زينب، وفضلوا يقنعوها تلبس وتطلع تفرح مع أختها، مالهاش ذنب، وبعدين عشان تفقع مرارة صفية أكتر وتشوفها واقفة وسط الناس.
زينب قالت : اللي انتوا بتطلبوه ده مش قادرة عليه، مش قادرة أمثل إني فرحانة وقلبي واجعني.
رحاب قربت منها وقالت : باقولك إيه؟ لو ماطلعتيش، هتأكدي كلامها إنك غيرانة وإنها كسبت. سيبي كل حاجة عليا، إلبسي واطلعي، وسيبي الباقي علينا.
نورهان ضحكت وقالت : فايزة في المطبخ بتحط الكيك والحاجات في الصواني، عارفين يا بنات؟ إحنا بجد ممكن نفتح شغل تنظيم حفلات، ناقصنا بس راس مال.
صفاء قالت بحماس : آه والله، دي بداية حلوة، والحمد لله الأسبوع ده كله كان خير علينا.
أسماء بصت لهم وقالت : الحمد لله يا بنات، دي لسه البداية، وإن شاء الله ننجح ونكبر كمان.
رحاب بحماس : طبعا ننجح، أنا أصلا رُحت طبعت كروت نوزعها في الحارة ونوزعها في السوق كمان.
زينب تنهدت وقالت : يارب. يلا بقى إطلعوا بره عشان ألبس.
البنات خرجوا مبسوطين إنها وافقت، ورحاب أول واحدة طلعت السطح، بدأت ترقص وتغني، والستات حواليها يشجعوها. كلمة من هنا وكلمة من هناك، والكل عارف خلاص إن صفية أخذت جهاز زينب.
هاجر كانت فرحانة أوي لما شافت زينب طالعة، كانت بترقص وهي قلبها خفيف لأول مرة من زمان.
الليلة كانت فرحة حقيقية، ورقصوا للصبح، وحوشوا شوية طاقة لليوم اللي بعده، يوم الفرح، الليلة الكبيرة.
في بيت محمد كانت أم محمد قاعدة مشتعلة غضب ووشها أحمر، صوتها عالي والدنيا مقلوبة، البنات حواليها بيحاولوا يهدوها، لكن هي مش قادرة تتحكم في أعصابها.
سلوى قربت منها وقالت : اهدي ياما، الموضوع ما يستاهلش كل ده.
أم محمد ضربت بإيدها على رجلها وقالت : آه يا نافوخي! أنا خلاص، بقيت لبانة في بق الناس، يجروا يقولولي إزاي تقبلي على إبنك يخش على جهاز اليتيمة؟ كإننا سرقناها ولا خطفناها.
لبنى بمرارة : والله يا أمي زينب صعبت عليا، المفتريه صفية طول الحنة وهي بتبصلها كأنها عايزة تقتلها بعنيها.
في اللحظة دي دخل محمد، بعد ما أبوه كلمه وجابوه مخصوص.
أبوه قال له بصوت غليظ : سمعت اللي سمعناه يا محمد؟
محمد وهو مطأطئ راسه، قال : أيوه سمعت.
أبوه بحدة : والعمل؟ الفرح بكره، وإحنا دلوقتي وسط مصيبة.
محمد قال بصوت مكسور : والله ما كنت أعرف، والله العظيم ما كنت أعرف إن الحاجات دي بتاعت زينب.
أم محمد قاطعتهم بنبرة حادة : هتدخل يا بني على جهاز اليتيمة؟ دول أهل أمها اللي جابوه. أنا قلتلك دي جوازة شؤم وانت ما صدقتنيش.
أبو محمد لف عليها وقال : لمي لسانك دلوقتي، ده مش وقته. قوم يلا ورايا على شيخ الجامع، لازم نشوف حل في المصيبة اللي إحنا فيها دي قبل ما يحصل الفرح.
في الجامع، كان حامد واقف في وسط دايرة من الرجالة، كله ماسكه غسيل ومكوة زي ما بيقولوا، لحد ما بقى واقف في نص هدومه لا عارف يرد ولا يبرر. كان يدعي على صفية في سره وعلانيته.
الحاج عثمان بص له بحدة وقال : يعني إنت ماكنتش تعرف يا حامد اللي مراتك عملته؟
حامد هز راسه وقال : لا والله، هي بلغتني باللي كانت عايزة تعمله وأنا رفضت. ده حتى استلفت فلوس الجهاز واديتهم ليها عشان تنزل هي والبنت يختاروا. بس أنا ماعرفش عملت إيه بعد كده.
شيخ الجامع بص له باستغراب : يعني بتقول إن صفية باعت جهاز زينب وجابت مكانه حاجات جديدة لبنتك هاجر؟ صح الكلام ده؟
حامد اتنهد وقال : أيوه، ده اللي حصل.
الشيخ بص للرجالة حواليه وقال : يبقى كده هي لسه معاها فلوس. ماهو أكيد ما صرفتش الفلوس كلها، لو باعت القديم وجابت الجديد، يبقى إداته فرق بسيط، يعني أكيد فيه فلوس باقية معاها.
بعدين بص لحامد وقال : أنا هابعث لصاحب المعرض ييجي هنا، مش إنتوا جبتوا الحاجة من عنده؟
حامد قال : أيوه، اللي على ناصية الشارع.
الشيخ هز راسه وقال : خلاص، هانشوف صاحب المعرض ونفهم منه اللي حصل، ومش هانسيب حق البنت يضيع.
"ممكن تعيش مغلوب لحد ما تموت، وممكن تموت وانت بتحارب، بس ساعتها تموت بكرامة."
اللهم إني ضعيف أمام قوتهم فقوّني. اللهم إني وحيد في وسط ناس باعوني، فسُدّ عني وحدتي بجبرك يا جبار. اللهم لا تجعل للظالمين إليّ طريقًا، وافضحهم بين خلقك وردّ لي حقي كاملًا غير منقوص، بقدرتك يا عزيز مقتدر.
بقلم نسرين بلعجيلي
يتبع .......