google.com, pub-6802150628270214, DIRECT, f08c47fec0942fa0 رواية من اجلك بقلم اسماء ندا الفصل السادس
أخر الاخبار

رواية من اجلك بقلم اسماء ندا الفصل السادس

 من اجلك 

رواية من اجلك بقلم اسماء ندا الفصل السادس

رواية من اجلك بقلم اسماء ندا
 الفصل السادس  

انطلق أدهم من الإسكندرية إلى القاهرة مستخدماً الطريق الزراعي وكان هو من يقود السيارة هذه المرة، كان يسبق الريح كأنه يطير فوق الأرض ولا يسير عليها، كانت صيحات وافي بين الحين والآخر واللعنات التي يطلقها ما هي سوى موسيقى هادئة في آذان أدهم، وما إن وصلوا إلى البلدة التي بها القصر توقف أدهم بمكان مهجور من المارة على حدود البلدة، كان الليل اقترب من المنتصف واختفت أضواء الشوارع الداخلية سوى من أعمدة الإنارة المتباعدة، سحب أدهم قناعاً أسود كان يضعه في صندوق السيارة وفعل مثله وافي ثم تحركوا بخفة سيراً على الأقدام حتى وصلوا إلى الجامع ومن بعده اقتربوا إلى البيت المحروق، قذف وافي المصباح الذي في عامود الكهرباء وكسرها فأظلم المكان، أخرج أدهم هاتفه وأضاء الكشاف.


تحرك بحرص داخل الركام وبدأ يدفع الأخشاب المحروقة بحذر حتى لا يصدر صوت قوي حتى وصل إلى الفرن، ابتسم وهو يدفع المرتبة المحروقة جانباً وبدأ هو ووافي مسح الجدار بكفوفهم لكن اللون الأسود الناتج من الحرق لا يزاح، خلع وافي قميصه ثم استدار يبحث بعينيه تحت إضاءة كشاف هاتفه عن أي مصدر للمياه، قفز بمكانه سعيداً عندما وجد في الأرض التي أمام البيت مياه أمطار مجمعة فأسرع ووضع قميصه حتى غرق ثم عاد وبدأ مسح الجدار ففعل مثله أدهم ومع التكرار استطاعوا تنظيف جزء كبير في المنطقة التي وصفتها نعيمة حتى وجدوا تلك الطوبة المختلفة جذبها أدهم ثم مد يده إلى الداخل فوجد الصندوق، سحبه إلى الخارج وقبل أن يفتحه استمعوا لصوت أحد يمر بالشارع قرب البيت.


"  هو فى ايه، مين الحيوان اللى كسر اللمبة"


" يا عم تلاقيها طقت لوحدها ،العيال نايمين فى بيوتهم والوقت متاخر،  وبعدين الشارع ده بيوته كلها ناس معدومة مين هيفكر يسرقهم " 


" على قولك، يلا بينا نروح نمر فى شارع الدهيمه "


دقائق مرت كالدهر مع ابتعاد صوت الغفران و عودة  الصمت  يداهم المكان، همس وافى 


" يلا بينا وابقى افتح الصندوق فى العربية او لما نروح "


"صح ، المهم انه معانا يلا " 


خرجوا من البيت على مهل وتحسسوا طريق عودتهم بحذر حتى وصلوا إلى السيارة، ثم انطلقوا مبتعدين عن البلدة، كان وافي هو من يقود هذه المرة، بينما أدهم احتضن الصندوق بين كفيه، لكن عقله كان شارداً، بل كان يرسم الخطط التي سوف يوقع بها كلاً على حدة، مر الوقت في صمت داخل السيارة لم يجرؤ وافي على الحديث برغم من أنه كان طوال الطريق يتابع بعينيه انعكاس وجه أدهم المتقلب في التعبيرات في المرآة الجانبية للسيارة وعندما وصلوا إلى داخل المرأب (الجراج) في الفيلا تحدث أخيراً


"وصلنا يا أدهم، أنا هبات عندك مش قادر أسوق عربيتي لبيتي."


نظر أدهم له وقال:


"وافي إنت متخلف، فيلتك اللي في وش فيلتي هناك أهيه، ما تقول هبات عندك عشان قلقان عليك هتموت يعني لو قلتها."


خرج من السيارة و أغلق الباب لكن وافي لم يترك الحوار هنا فقال وهو يغلق الباب الآخر:


"لأ مش قلقان بس سريرك مريح عن سريري، أنا هروح المطبخ حصلني هناك."


ضحك أدهم وقال: "طيب طلع فرخة واعملها وحياة أبوك هموت من الجوع."


"فرختين؟ هو إنت هتقاسمني في فرختي كمان؟ ده إنت طفس!"


"وافي، فين القمصان؟"


عاد وافي للسيارة ونظر بداخلها ثم خبط راسه وقال 


" على الفرن في بيت جدك "


ضحك ادهم وقال  " خلاص اهم من نصيب اللى يلاقيهم "


في صباح اليوم الثاني فتح أدهم عينيه على ضوء الشمس القوي ليكتشف أنه نام هو ووافي أمام حمام السباحة بعد أن أنهوا طعامهم، ليستمع إلى وافي الذي يلعن ويشتم نفسه ويشتمه، وهو يسقط من فوق كرسي المسبح، فقال أدهم


" انت بتشتم مين؟"


انتبه وافى ونظر له  ثم قال " بشتم اللى يزعلك، وبشتمك ، هتعمل ايه "


نهض ادهم وحمله ثم دفع به داخل حمام السباحة ، وبعد ان ظهر من الماء قال وافى 


" كويس كنت عايز استحمى ومكسل اروح بيتى، هطلع استولى على هدومك "


أشار أدهم له مودعاً ثم ذهب إلى داخل الفيلا، مر ستة شهور استطاع حامد كسب ثقة فايز بإنهاء صفقتين استيراد أجهزة كهربائية عن طريق مكتبه، كما أن أدهم جعل حامد يذهب إلى نادي سباق الخيل في تركيا الذي يذهب إليه فايز باستمرار وخطط لجعلهم يتقابلون لكن يظهر هذا اللقاء بأنه صدفة بعد أن يراهن حامد على نفس الفرس الذي راهن عليه فايز، بل استطاع رشوة الفارس في المرة العاشرة ليخسر الرهان عمداً، وهكذا وقع فايز في مأزق فقد خسر مبلغاً ضخماً من المال وقد كان مقترضاً من البنك مبلغ الرهان على ضمان المكتب، وهكذا إن لم يسدد القرض في الميعاد سوف يُحجز على المكتب، وهنا تدخل أدهم بنفوذه الذي كان قد كونه داخل البنك وجعلهم يضغطون على فايز بمطالبة الأموال وبنفس الوقت كان حامد يستعرض مكاسبه المالية الضخمة أمام فايز وقد دس السم في العسل كما يقال في الأمثال المصرية حيث قال ذات مرة


"عارف يا فايز، بالرغم من فلوسي الكتير لتجارة الأجهزة الكهربائية والأواني كان لي حلم زمان بس معرفتش أنفذه."


فايز أجابه محاولاً إخفاء غضبه لخسارة الرهان والديون اللي اتراكمت عليه:


"قول يا سيدي لو نعرف نحققه ليك هنقول."


ضحك حامد وقال: "أقولك صحيح يمكن تنفعني، كان نفسي يا سيدي أبقى صاحب شركة استيراد وتصدير وأسافر وأعمل صفقات بنفسي ويبقى المستوردين محتاجني كده في السوق."


لمعت في رأس فايز فكرة ظنها فرصة العمر وقال:


"يا سلام، بس كده؟ أقولك أنا شاركني في المكتب وأنا هاخدك معايا كل الصفقات اللي بره وأعلمك إزاي تقنعهم وأعرفك كمان بزباين صعق أجانب."


اعتدل حامد على كرسيه وضحك بسخرية قائلاً: "بتتريق عليا يا فايز؟ ما كانش العشم. بقى إنت هتكتب مكتبك شراكة بيني وبينك، وإخواتك هيوافقوا بده إزاي بقى؟"


فايز بأمل تجدد داخله: "يا عم ده أنا لو لي بنت كنت جوزتها لك، وبالنسبة لإخواتي فمتقلقش أنا كلمتي أمر في البيت."


صمت حامد لثواني متصنع التفكير بينما كان أدهم بيتكلم معاه في سماعة الأذن اللي بيرتديها حامد ثم قال حامد:


"يمكن معندكش بنت بس لك أخت، وأنا سامع إنها تعليمها عالي. تفتكر تقدر تقنعها تتجوزني؟ ويا سيدي أنا موافق نتشارك وكمان هدفع أكتر من نصيبي أعتبره مهر ليها."


صمت فايز قليلاً ثم قال: "لأ، ده مالوش دخل بده، إحنا نشارك ونكتب الأوراق وتحول الفلوس، وبالنسبة لأختي هكلمها وأقنعها وهي تلقى أحسن منك فين حسب ونسب وشريك لي."


تبسم حامد ومد يده وقال: "اتفقنا."


هكذا كانت أولى الخطوات لعودتي إلى ذلك القصر، أجل سأعود لكن يومها سيصبح أنقاضاً، سوف يرونني ويعرفون من أنا في نهايات كل واحد على حدة، في نفس الوقت الذي كان حامد يتلاعب بفايز كان ياسر قد نجح في إنشاء شركة لتوظيف العمالة من الفلاحين براتب ثابت أضعاف ما يُدفع من كبارات تلك البلد، وقام باقي أصدقائي من رجال ياسر بإنشاء الصدقات بين الفلاحين وأيضاً تأجير الكثير من الأراضي الزراعية في القرى والبلدان القريبة وهذا دفع الفلاحين بالالتحاق بالشركة للعمل مما أوقع سوسن في مشاكل نقص الفلاحين، حاولت في البداية برفع رواتب الفلاحين لكن لم تستطع في النهاية مجابهة رواتب مكتب العمالة الخاص بـ ياسر، حاولت استخدام نفوذها من الأصدقاء وضباط الشرطة الذين كانوا موالين لها حتى تُغلق المكتب لكن لم يستطيعوا فالأوراق سليمة والمكتب مرخص بل ويدعمه بعض من كبار الضباط.


وفي يوم تفاجأ ياسر بدخول سوسن إلى مكتبه وهي تتفحص المكان بنظرات ثاقبة ثم تنظر إليه بتمهل وقبل أن تتحدث أمسك هاتفه وطلب رقمي بعد أن أرسل رسالة لي بأن أستمع ولا أتحدث لحين أن يضع سماعات الهاتف،


ساد الصمت قليلاً ثم ظهر صوتها وكانت توجه حديثها للسكرتير 


" هاى ، عايزة اقابل  صاحب المكان هنا "


" اللى يدخل مكان بيرمى السلام ، على العموم اتفضلى اقعدى، هديه خبر، اقوله مين "


" قوله الانسه سوسن هانم  الابراهيمي " 


" والدك اسمه هانم ؟"


" افندم ، انت بتتريق "


"لا اله إلا الله ، هو مش انت اللى بتقولى "


 " اوووف ، شكلك مش من البلد دى ، بيئة ،  هانم ده لقب "


" اتفضلى اقعدى "


همس ياسر وهو يرى مساعده يدخل من باب المكتب 


" تقدر تتكلم برحتك ،ركبت السماعة "


دلف من الباب الزجاجى الذي يغطى اكثره مرايا خارجية  تشف لمن  خلفها  ما يحدث بالخارج  ثم قال 


"الطعم غمز والسمكة شبكة "


ابتسم ياسر  وقال "حسين،  اخرج قعد خامسة وبعدين دخلها "


أومأ حسين برأسه ثم خرج وجلس على مكتبه يتفقد بعض الأوراق متجاهل تلك التى تجلس امامه والدماء تفور من راسها، كان ياسر يتابعها من داخل الغرفة وهو يهمس 


" انا ممكن احلف ان فى دخان طالع من راسها " 


ادهم " بكره الدخان ده هتشوفه بعينك حقيقى "

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-