أخر الاخبار

رواية ايفلين بقلم اسماء ندا الفصل السادس عشر

ايفلين 

رواية ايفلين بقلم اسماء ندا الفصل السادس عشر


رواية ايفلين بقلم اسماء ندا الفصل السادس عشر 
 (من وجهة نظر ايفلين)


 اتضح ان كورماك وفى بتنفيذ العهود، فلقد نفذ عهده لى و طلب من هانك  يوصلنى الى منزلى وقد ظل متوقفا بسيارته امام منزلى  حتى  دخلت المبنى وأغلقت الباب خلفى ثم رحل، لحظتها شعرت بالفراغ والوحدة  التى لا تنتهى ،


اعتقد ان هذا ما كنت اريده وانتظره ، الهدوء ، لكن بينما اقف فى منتصف مطبخي ذات الجو البارد والاطباق المتراكمة فى  الحوض منذ ثلاث ايام، يا الهى  فقط ثلاث ايام كل ظا حدث مر بهم، الصمت والسكون كان خانق، لم اتخيل اننى من الممكن ان اكون سعيدة وسط اشخاص اخرين، أشخاص ليس لى بهم علاقة حتى لو كان الوضع مرعب .


هل اشتاق اليهم ، مستحيل ان اشتاق الى وضع الخطف، لقد كانت أكثر فترة جنونية مرت بحياتى، لكن للحق الأسوأ فى تلك الفترة فقط كان مظهر الجثة، وليس الخطف او حتى السلاح الذي وجهه الى وجهى او حتى تهديدات كورماك ،واكيد لم اشتاق لتلك العلاقة نهائيا ، تبا منظر الجثة البشع لن يتركنى كأنه شبح .

مرت الدقائق مثل الدهر بطيئة ومملة  وباردة وانا واقفه بالمطبخ، انسحبت أجر قدمى فى اتجاه المرحاض، نزعت ملابسي التى كان هانك اعطاه لى ، تذكرت ان ملابس العمل ما تزال معهم، قلبى انقبض  خوفا من جيرالد فلن يعطيني بديل له، حركت كتفى وقررت انسى ذلك الان واستمتع بدفئ ابخرة التى ملئت المرحاض، لكن عقل يدأ باسترجاع كل ما حدث ، كل شي من الجثة و الخطف وكذبى على المحققة سارة، ثم توقف عقلى عند العلاقة التى حدثت بينى وبين قائد عصابة ايرلندي، شعرت وكأن امراة اخرى هى التى فعلت كل ذلك لأنني لم أتخيل قط ان تكون تلك الجرأة داخلى، من الممكن التهديد الذي كان على حياتى كان الدافع لخروج ذلك الجانب الإجرامي والجديد داخلى، لا استطيع انكار ان كورماك  كان جذاب وهو يضرب ديلون، تبا هذا من افضل الأشياء التى حدثت، لقد فعل كورماك ما تمنيت فعله مرارا ل دايلون .

ابعد ان انتهيت ارتديت بجامة  ناعمة وطلبت الطعام من المطعم الفيتنامي الذي أحبه، وهذا ايضا ذكرني بـ كورماك، وكيف كان يعلم تفاصيل حياتى، تساءلت هل كان يرانى ضعيفة وهو يرى حياتى البسيطة؟!

لقد أكدوا الطلب فى المطعم ، القيت بجسدي فوق الاريكة ، امسكت هاتفي وهممت على مشاهدة حسابات السوشيال ميديا التي اتابعها فى العادة لكن اءتورسالة من جيرالد مفادها أنه فصلني من العمل، كلمات بارده 

" مطرودهز، ولا تعودى"

جملة مختصرة ، لكنها ألقت بألم داخل قلبي، مئات من الاسئلة احتلت عقلى، ماذا فعلت؟ هل لانى تغيبت يوم فقط ؟ عقلي مرهق على ايجاد اجابات ، ولا امتلك الشجاعة ولا حتى طاقة للرد عليه وسؤاله، الدنيا تتلاعب بى ، وها انا داخل شقتى، حسنا لن احمل هم ملابس العمل، لكن المشكلة الكبرى انى الان لا امتلك اى اموال وليس لدي عمل، كيف سوف ادفع ايجار الشقة؟ هذا غير الديون التي أدين بها.

نظرت الى لوحة النتيجة المعلقة على الجدار، و تنهدت بقلة حيلة، تبا، موعد سداد الإيجار بعد ثلاث ايام، واعلم ان جيرالد لن يعطيني اجر الايام التى عملت بها سريعا، لا يوجد غير حل واحد ، امى ، نظرت إلى الهاتف ، وبدأت أصابعها تعزف على ازرار الارقام رقم هاتف والدتها، فى لحظات اجابت 

"ألو "

امى ، تتحدث كانها تضع فى فمها الحلوى، اجبتها 

" اهلا امى"

"إيفلين! أخيراً"

"ماذا؟"

"أين كنت ؟ألم يكن من  المفروض  ان تأتيى الى هنا مساء أمس،  تساعديني في نقل الخزينة  الجديد، الان يوجد هنا  وحش من الخشب زاحم  غرفة المعيشة، حتى  حضرتك لم تلتزمى  بكلمتك مع أمك!"

يا الهي، لقد نسيت ذلك، قلت 

"يا أمي، أنا آسفة جدا أنا كنت..." صمت ، هل  أقول لها الحقيقة؟ اجل ، قلت 

 "يا أمي، حصلت شئ ما"

"لا اريد  سماع اى شئ  عن عاداتك في صرف الاموال على الفارغ" 

"لأ، ليس هذا،  في الفندق اللي بشتغل فيه كان في….."

"اترفدتي من العمل ،كنت اعلم انك لن تكملى فى اى عمل يا إيفلين، قولتلك انتي لست  نافعة فى سوق العمل، يجب ان تبحثى  عن رجل جيد ،  و تستقرين، وتنجبر اطفال !"

 سرحت للحظة فى  كورماك، أنه  أكبر مني بكثير، لقد  كانت سوف تصاب بجلطة اذا علمت ، نفضت راسي وقلت .

"لم ارفد  من العمل " كذبت بهدوء ثم أكملت "حدث حادثة، شخص قتل، و اضطررت ان اظل وقت طويل اتحدث مع الشرطة، لهذا لم استطع ان أتى اليك"

لم اتوقع ذلك ، لكن امى اظهرت اهتمامها وسألتنى بشغف عما حدث، ظللنا نتحدث حتى منتصف الليل عن التفاصيل البشعة ، جزء من عقلى كان يشعر بالذنب عندما كنت اخبرها بما رأيته لعلمى كم يتألم كورماك، من الجيد أنى تحدثت الى شخص ليس طرف فى الموضوع، لقد كانت أطول مكالمة جرت بينى وبين امى منذ أشهر، ساعتين لم توبخني  باى شكل ،بعد انتهاء المكالمة كنت أيضا قد انهيت صحن النودلز الذي احبه، ذهبت الى فراشي ، لقد كنت مرهقة كثيرا لذا غلبنى النوم لمدة سنة عشر ساعة، الاستيقاظ داخل شقتى اصبح غريب جدا، يوجد شعور بالوحدة بقلبى لم التفت إليه قبل هذا، عاد عقل ما حدث بالأمس من محادثتي  مع أمى  وطلبى منها بعض الأموال لدفع الإيجار، ثم بحثت ب أعلانات عن  وظيفة ، اقتحم قلبى اشتياق ل كورماك ، وكد كان سبب شعور الضيق فى صدرى، مرت سحابة من الذكريات لاسلوبه فى الحديث معى ، أو تمسكه بي، شعرت وانا معه ان حياته توقفت على وجودى الى جواره، طريقته فى حمايتى من ديلون، فقط فى بعض ساعات جعلنى اشعر بالحب والاخلاص بشكل لم اراه من قبل، وبدلا من اظل الى جوارة واستمتع بذلك الشعور فضلت الابتعاد، اتمنى ان اتوقف عن التفكير به،.

مرت الايام مزدحمة بالنسبه لى فى البحث عن عمل، كما ان امى عاهدتني تدبر لى مواعدة للزواج مقابل ان تدفع ايجار البيت،كما اننى صرفت اخر قرش من الأموال التى كنت ادخرها، ليلتان هرب من عينى النوم الى ان شربت زجاجة نبيز كاملة، ولحسن الحظ دفعنى النبيذ الى نوم عميق قبل ان اضعف واطلب رقم كورماك الذي اعطاني اياه يوم الفندق .

من الممكن ان يكون قد غير رايه عنى الان، بالتاكيد لا يفكر بى، رجل مثله لن يتعلق بفتاة  رأها مرة واحدة ،ويجب انا ايضا لا يجب على التعلق به، لكنه يشبه المخدرات، يسبح بأفكارى ولا استطيع تجاوزه.

جاءت ليلة الجمعة تنفست اخيرا بعد ان دفعت ايجار البيت ، لقد قل الهم قليلا ، للأسف لم ياتى اى رد عن طلبات العمل التى تقدمت بها، ومع اخر نبيت لدى جلست اتصفح مواقع طلبات الأعمال  التى لا اعتقد ان لها نهاية، بعد ان مر بضع ساعات، جاء بتفكيرى ان اصنع بعض المشغولات اليدوية وابعها، هذا يأتي بأموال أليس كذلك ؟ 

بينما كنت اسبح فى افكاري ، تعالت بشكل مفاجئ دقات على الباب ، نظرت الى الساعة، لقد كانت الثامنة ليلا وانا لم اطلب الطعام بعد ، تساءلت من ذا الذي يدق الباب ؟  

نهضت من الاريكة واسرعت الى الباب، عقلى كان يأمل أن يكون كورماك  هو من يدق، لا اعلم لماذا سوف يأتي ؟لكن هو فقط من استطيع تخيله لاننى لا ياتى اى شخص ل زيارتى على اى حال.

 توقفت الدقات لبضع ثوانى ثم عادت بقوة اكبر ،صرخت قائلة 

"ثوانى "

ثم وقفت امام المرايا ارتب شعرى و ملابسي  وعقلى يردد(يا الهى ، ليس مهم هو قد شاهدنى فى اسوء حالاتى سابقا، بالتاكيد مظهرى الان افضل من وقتها، تسارعت دقات قلبى وانا افتح الباب ، رسمت ابتسامة التى سرعان ما اختفت.

"تبا، ليس كورماك"

" ابتسم الرجل الذي يقف عند الباب، ابتسامة اظهرت أسنانه الصفراء، ثم ألقى بالسيجارة هلى الدرج خلفه ودهسها بحذائه المصنوع من جلد التمساح، دفع الباب قبل ان افكر حتى بإغلاقه فى وجهه وهو يقول بلهجة غريبة 

" أهلا ، ايفلين"

انقبض قلبى وانقلبت معدتي من الخوف ، لكني أجبت 

" هارى؟! ماذا تفعل هنا؟"

" تخيلي لماذا؟" 

تحدث بحروف ماقطعة وببطء وهو يقترب مني حتى دخل آخر نفس من دخان سيجارته الى صدرى، امسكت الباب احاول دفعه لكن هارى كان قد وضع قدمه وثبته بمكانه ثم دخل الى داخل البيت، قلت له 

" أموالك ليست معى" 

قلبى دق بقوة حتى انى اكاد اقول سمعت صوت نبضاته وانا اكمل حديتثى  " قلت لك سوف اتصل بك عندما اجمعها، وقتها يمكن ان تأتى مرة اخرى "

" ها انا أتيت، رغم انك لم تتصلى بى " 

تراجعت للخلف كي ابتعد عنه فأغلق الباب بقدمه ، لكنه كما تراجعت انا تقدم هو ، رددت 

" قلت لك لسه مجمعتش فلوسك، لسه ليس الان " كنت ألعن بداخلي تلك الرعشة الظاهرة فى صوتى 

تبا، من تسع شهور كنت أغرق بالديون انا وبطاقات الائتمان الخاصة بي، اعترف انى امتلك عادات صرف متهورة ، لانى كنت اريد ان اشعر بالحب عن طريق شراء الأشياء الثمينة، تلك الابتسامة على وجوه أصحاب المحلات عندما يشاهدوني ادخل بمحلاتهم ،ذلك الشعور كنت أحتاجه، كنت ارى اى مشاعر منهم حقيقية ، لكن عندما أخذت البنوك شقتى لانى معرفتش أسدد وهددونى بالسجن، لذا اقدمت على الحل الوحيد الذي جاء بعقلى ، اخذ قرض غير قانونى بربا ، هاري ، اجل اعطانى الاموال الكافية لسداد ديونى واجر شقه جديدة ، كنت سعيده اننى سوف اسدد دين واحد وليس خمسة، لكنى كنت ساذجة، هارى لم يكن الحل الأنسب، الفائدة التى وضعها فوق المال تسجنني لمائة سنة، انتبهت  لصوت هارى وهو يردد

" لسه ليس الأن" 

قالها بهدوء ثم حرك لسانه فوق اسنانه العلوية، وبشكل مفاجئ قفز لامام ووضع كف يده على رقبتى وباليد الثانية مسك ملابسي، دفعنى ناحية الجدار ، قلت وانا احاول نزع يده من حول رقبتى 

" هارى، سوف احضر لك اموالك"

" امممم، لكن العصفور قال لى انك تقضين الكثير من الوقت داخل مركز الشرطة ، هل تنور الإبلاغ عنى ؟" 

" لا" 

شهقت وانا اقاوم قبضته، رفعت رجلى وركلته، لكنه رفعنى بيده على الجدار ، حتى أصبحت قدمى لا تطول الأرض، همست بين انفاسي 

" هارى، لن افعل ذلك ، ارجوك"

ضربني على وجهي بقوة ، وكرر ذلك حتى سمعت صوت صفير فى اذن، وشعرت بدوار، ثم قال 

"لا تكذبي، ماذا كنت تفعلين بمركز الشرطة"

دموعى انهمرت وانا اقول " انا لا اكذب، لقد كنت شاهدة على جريمة قتل، وهم كانوا يسألونى ، هذا كل شئ"

" انت تكذبين"

" لا ، انظر الى الاخبار ، ارجوك، انا مازلت احتاج اليك بالتأكيد لن ابلغ عنك، انت تعلم انى لن افعل ذلك "

ضربنى وهو يلقينى بعيدا ، سقط ارضا وانا اصرخ من الألم ، انحنى قربى وقال 

" الأفضل لك ان لا تفعلين، لانك لا تريدين ان تعرفى ماذا أفعل لمن يشي بى ، أليس كذلك ؟ فتاة جميلة مثلك ديونها أقل ما يمكنها تقلقك "

" سوف أحضر لك اموالك، انا فقط احتاج الى بعض الوقت "

"لا ، انا لا اثق بك، الشرطة تراقبك، لقد تركتك بضع الأشهر لانى شعرت بالحزن من اجلك ، معاك ثمانية وأربعين ساعة، سوف تدفعين اموالى عندما اعود او سوف اقتلك"

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-